الفرق بين الأصول الملموسة وغير الملموسة

الأصول :  هي موارد لها قيمة معينة يمتلكها الفرد أو الشركة وتنطوي على فائدة اقتصادية ونفع مالي في المستقبل. وتنقسم الأصول إلى أصول متداولة وغير متداولة، وتنقسم الأصول غير المتداولة إلى نوعين: الأصول الملموسة وغير الملموسة.

الأصول الملموسة :  هي موارد (مملوكة للشركة) ذات طابع مادي، وإما أن تكون طويلة الأجل أو قصيرة الأجل. وتستحوذ الشركة على هذه الأصول من أجل تسهيل تنفيذ عملياتها التجارية وليس بغرض بيعها.

الأصول غير الملموسة : فهي موارد الشركة غير المادية طويلة الأجل، ولأن هذه الموارد أصول فكرية فمن الصعب تحديد قيمتها، بسبب عدم التأكد من المنافع المستقبلية التي سوف تحققها للشركة.

ويمكن أن تكون قيمتها أكبر من قيمة الأصول الملموسة للشركة. وتستمد قيمتها من الحقوق الفكرية أو القانونية ، ومن القيمة التي تضيفها إلى الأصول الأخرى.

ويمكن أن يشمل ذلك الملكية الفكرية ومرونة سلسلة التوريد وقاعدة بيانات جهات الاتصال ومنهجية العمل والسمعة، وبراءات الاختراع وحقوق النشر والشهرة ، والعلامات التجارية وما تمتلكه الشركة من موظفين مدربين، وعملاء مخلصين، وشبكة توزيع واسعة، والتكنولوجيا والأنظمة والعمليات الداخلية الخاصة بالشركة .   وتختلف عن الأصول الملموسة في أنها لا يمكن تدمير ها بحريق أو إعصار أو حوادث أو كوارث أخرى، بل يمكن أن تساعد في إعادة بناء الأصول الملموسة إذا أصابها الضرر.

وقد واكب التطور الكبير في التكنولوجيا على مدى السنوات الأربعين الماضية ارتفاع القيمة التقديرية للأصول غير الملموسة ، ,وأدى الارتفاع الكبير في عدد الشركات التي أصبحت تعتمد على التكنولوجيا والتي غالباً ما تكمن قيمتها في أصولها غير الملموسة إلى التأثير سلباً على الأنشطة التجارية التقليدية، وفي بعض الحالات تم القضاء عليها تماماً ولقد غيرت التكنولوجيا كل شيء من حيث الأسلوب الذي نشتري به احتياجاتنا اليومية إلى أسلوب تفاعلنا اجتماعياً.

وحتى وقت قريب ، كانت الأصول غير الملموسة تمثل نسبة مئوية صغيرة من قيمة الشركة الا انه في عام 2016 ، قدرت فوربس هذا الرقم بحوالي 80 ٪. 

فعلى سبيل المثال نجد أن الجزء الأكبر من قيمة شركة   Amazonلا تكمن في مستودعاتها أو مخازنها (على الرغم من أنها موجودة وحجمها كبير بالطبع)، بل تكمن قيمتها في سمعتها الموثوق بها ، وكفاءتها في توفير شبكة فعالة لخدمة عملائها منذ لحظة وصولهم إلى موقع الشركة على شبكة الإنترنت للبحث في شبكة التوريد واسعة النطاق عن أي منتج يمكن تصوره تقريبا ، وإتاحة المنتج بسعر تنافسي وتسليمه من خلال أحد مستودعاتها إلى عملائها في أقل من ساعة. إن ثقة العميل بأن كل خطوة في هذه العملية ستتم بشكل متقن هو ما يجعل Amazon بهذا القدر من النجاح.

تأمين الأصول غير الملموسة: هل يواكب قطاع التأمين متطلبات العملاء المتغيرة؟

غالباً لا تتعرض الأصول غير الملموسة للضرر نتيجة لحريق أو إعصار. ومع ذلك يمكن أن تتضرر في لحظة إهمال . فقد يؤدي انقطاع التيار الكهربائي لمدة 15 دقيقة عن الخطوط الجوية البريطانية بسبب خطأ بشري ارتكبه أحد المهندسين إلى انقطاع السبل أمام 75000 عميل، وفاتورة خسائر تقدر بنحو 150 مليون جنيه إسترليني.

لذلك كان من الضروري للشركة أن توفر لهذه الأصول الحماية الكافية في حال حدوث خطأ ما.

وبالرغم من ارتفاع قيمة هذا النوع من الأصول،  إلا أنه لا يزال بعيداً عن عن اهتمام شركات التأمين، فنادراً ما يؤخذ في الاعتبار ضمن عملية إدارة الخطر بالرغم من أن هناك عامل مشترك تهتم به كافة الشركات أيا كان حجمها صغيراً كان أم كبيراً وهو " الشهرة".

وهي أحد الأصول غير الملموسة التي يمكن أن يتم تدميرها إذا حدث ما يسئ لسمعة الشركة داخل المجتمع أو السوق. فالشهرة هي خط الدفاع الأول وضمان بقاء الشركة على المدى الطويل.

وبغض النظر عن استخدام الشركة لهذا النوع من الأصول غير الملموسة، فإنه من الحكمة التأكد من تأمين سمعة الشركة ضد أي ضرر يمكن أن يصيبها.  ففي وقتنا الحاضر لا يحتاج الأمر أكثر من رسالة واحدة تنشر على تويتر كفيلة بالانتشار على أوسع نطاق وتدمير سمعة الشركة خلال 24 ساعة.

وقد أدى الاتجاه الحديث نحو الاقتصاد الرقمي إلى تغيير الوسائل التي اعتمدت عليها الشركات الناجحة في تحقيق قيمتها الاقتصادية. ويمكن ملاحظة تطور نماذج الأعمال من خلال تزايد أهمية رأس المال الفكري مقابل المباني والآلات ، وتزايد أهمية البحث والتطوير مقابل الإنفاق الرأسمالي . وأصبحت هذه الشركات تواجه مشهداً مختلفاً للمخاطر مما يتطلب من شركات التأمين أن تكيف منتجاتها المعروضة بحيث يمكن تأمين المخاطر التي لم تكن قابلة للتأمين قديماً،  وذلك بفضل التقدم في توافر البيانات والتحليلات المتقدمة والنمذجة وغيرها من المنتجات المبتكرة.

وتشمل مجالات التطور الرئيسية تأمين المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها سلاسل التوريد ، والمخاطر الإلكترونية ، واسترجاع المنتجات ، ومخاطر الطقس ، وأسعار السلع والطاقة. ويعد هذا مجال جديد لنمو شركات التأمين ، وعنصر رئيسي في تعزيز مرونة النظام بشكل عام.

تطور نسبة الأصول غير الملموسة إلى الأصول الملموسة كنسبة من القيمة السوقية للشركات وفقاً لمؤشرS&P 500 [1]

تزايد قيمة الأصول غير الملموسة

شهد قطاع الأعمال عدداً من التغييرات في العقود الأخيرة. فمع تحول نشاط الكثير من الشركات من صنع الأشياء المادية إلى مجال توفير المعلومات والخدمات ، فقد تغير أيضا مكونات ميزانيات هذه الشركات . ففي عام 1975 ، شكلت الأصول الملموسة مثل المصانع والممتلكات والمعدات والمخزون 83٪ من إجمالي القيمة السوقية لمؤشر S&P 500 ، وفي عام 2015 ، انخفضت هذه الحصة إلى 13٪ فقط ، في حين أن الأصول غير الملموسة مثل الملكية الفكرية والشبكات والمنصات والبيانات وعلاقات العملاء أصبحت تمثل 87 ٪ من قيمة رأس المال السوقي لأكبر 500 شركة أمريكية.

ومع هذا التغيير ، أصبحت الشركات اليوم تستمد قيمتها غالباً من أصولها غير الملموسة ، ويعكس التغير في تكوين أكبر الشركات في مؤشر S&P 500 مع مرور السنوات هذا التطور، ففي عام 1990 ، كانت أكبر الشركات من حيث القيمة السوقية هي شركات التصنيع والطاقة. وفي عام 2018 ، أصبحت شركات التكنولوجيا والخدمات في المقدمة كما يتضح من الجدول التالي :

رأس المال السوقي لأكبر 5 شركات على مستوى العالم

عام 1992 مقارناً بعام 2018

وقد أثبتت دراسة حديثة أجرتها مجلة McKinsey Today أن الشركات ذات القيمة الاقتصادية العالية تشترك في العديد من الخصائص ، ومنها :  تحقيق مستويات أعلى من الرقمنة ، ومهارات العمل وكثافة الابتكار ، والمزيد من العولمة والأصول غير الملموسة . لقد نجح Facebook وApple وAmazon وNetflix وGoogle بشكل خاص في الاستفادة من قيمة الأصول غير الملموسة التي يمتلكونها مثل البرامج والبيانات وبراءات الاختراع والعلامات التجارية.

نماذج أعمال جديدة وفرص تأمين جديدة :

 أدى التحول الرقمي إلى ظهور أنواع جديدة من نماذج الأعمال ، أبرزها اقتصاد المشاركة. فمثلاً:  لا تمتلك شركات النقل الجديدة مثل Uber سيارات ، ولا تمتلك الكثير من شركات السياحة أي عقارات يمكن تأجيرها ، ومع ذلك فهي تتفوق على اللاعبين التقليديين في نفس القطاع من حيث النمو والقيمة السوقية.

فقد اتجهت مثل هذه الشركات (Uber أو شركات السياحة)  الى أنه بدلاً من حبس رأس المال لشراء الأصول المادية أو صنعها ، فإنها تحقق نمواً من خلال التركيز على الربط بين العرض والطلب (الموجود بالفعل) في السوق . ويعتمد إنشاء القيمة المضافة في هذه الشركات في الغالب على الأشياء غير الملموسة مثل توفير البيانات والثقة والاعتراف بالعلامة التجارية.

وهذا النموذج من النشاط تضمن تحولاً في مخاطر التشغيل ، كما أدى إلى زيادة الحاجة إلى التأمين في ثلاث مجالات:

(1) تغطية تأمينية للقائمين بتشغيل هذه الأعمال ؛

(2) تغطية تأمينية لجميع من يحصلون على عمل من خلال هذه الأعمال ؛

(3) تغطية تأمينية للمستهلكين النهائيين. وتشكل فجوة الحماية التأمينية في هذا المجال جبهة جديدة لتطوير حلول مبتكرة جديدة وتوفير تغطية تشتد الحاجة إليها لتحقيق النمو السريع.

كما تغيرت نماذج الأعمال في قطاع الصناعة التقليدي أيضاً. حيث سعت شركات التصنيع إلى تحقيق عائد متزايد من خلال تقديم الخدمات (مثل خدمات الصيانة) بدلاً من بيع منتجاتها من الأصول المادية. كما اتجهت بعض الشركات إلى بيع / تأجير إمكانيات تلك الأصول ، كما في حالة مصانع توربينات الرياح التي أصبحت تبيع ناتج تشغيل التوربين بدلاً من بيع التوربين نفسه.

حماية الأرباح ومخاطر التدفق النقدي :

مع زيادة ثراء الشركات نتيجة لزيادة قيمة أصولها غير الملموسة ، تغير شكل الطلب على التأمين من الرغبة في تغطية الأصول إلى استهداف حماية النشاط من المخاطر التي لم تكن من قبل قابلة للتأمين مثل خسائر الأرباح والتدفقات النقدية، والتي تحدث نتيجة لأسباب عديدة منها : تعطل الأعمال ، ومخاطر الإنترنت ، واسترجاع المنتجات ، والسمعة ، ومخاطر تغير أسعار الطاقة وتغير المناخ .

وقد أدى تطور هياكل التعويضات والبيانات وأساليب النمذجة إلى توافر حلول التأمين على الأرباح المحتملة والتأمين ضد خسائر التدفقات النقدية. ومع ذلك ، لا تزال أمام شركات التأمين العديد من التحديات .

ما زال تأمين المخاطر غير الملموسة في بداية خطواته وتكمن المشكلة بشكل رئيسي في الأصول التي يصعب تأمينها

منذ مئات السنين تطور التأمين البحري (سواء التأمين على أجسام السفن أو على البضائع) تطوراً ثورياً.  ومهد الطريق للتأمين التجاري بفروعه المختلفة وحقق الحماية من الخسائر الناجمة عن النهب والحرائق ومخاطر أعالي البحار . ولكن في القرن الحادي والعشرين ، قلت نسبة العناصر المادية (كالمباني والسفن ....) في مكونات قيمة الشركات مقارنة بالعناصر غير الملموسة ( مثل الملكية الفكرية والبيانات والسمعة).

ونظراً لتزايد أهمية الأصول غير الملموسة ، ازدادت حاجة الشركات إلى حماية نفسها من "المخاطر غير الملموسة", كالضرر الذي يلحق بالسمعة نتيجة لتغريدة أو اختراق حاسوب، أو الأضرار المادية أو السرقة الناتجة عن الهجوم الإلكتروني. ومع ذلك ، فقد تخلف التأمين عن مواكبة تصاعد هذه المخاطر.

ومن أمثلة الأضرار التي يمكن أن تتعرض لها الأصول غير الملموسة : 

في فبراير 2018، أدت تغريدة بواسطة Kylie Jenner (أحد المشاهير) الذي لديه 25 مليون متابع ، يتساءل فيها ما إذا كان هناك أي شخص ما زال يستخدم Snapchat ، إلى انخفاض سعر سهم Snap بنسبة 6٪ ، كما تعرضت أنظمة الحاسوب في جميع أنحاء العالم في العام الماضي لهجوم واسع النطاق من فيروس NotPetya مما أدى إلى خسائر تقدر بأكثر من 3 مليارات دولار.

ومن أوائل الأحداث التي أيقظت الشركات الأمريكية على المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها الأصول غير الملموسة ، الهجوم الذي نتج عنه اختراق ملفات شركة     Target (تاجر تجزئة) عام 2013 ، مما أدى إلى سرقة بيانات 70 مليون عميل ، وتراجع المبيعات والأرباح ، والتقاضي الذي كلف الملايين من الدولارات.

 أجرت شركة AON للوساطة التأمينية استطلاعاً للرأي في العام الماضي، وأسفرت نتائجه عن أن المشاركين ينظرون للسمعة باعتبارها أعلى الأصول تعرضاً للخطر (بينما كان في المرتبة الرابعة عام 2013) وجاء خطر الإنترنت في الترتيب الخامس (بعد أن كان في الترتيب 18عام 2013). ولكن هناك فرق كبير بين مدى إدراك مديري المخاطر لهذه الأخطار وكيف ينعكس ذلك على سياسة الشركة.  وإذا كانت الشركات تسعى للحصول على تأمين ضد بعض هذه المخاطر ، فإن شركات التأمين لم توفر لها حتى الآن المنتجات المناسبة. تقول ماجدا رمادا من ويليس تاورز واتسون ، وسيط تأمين: "حتى عندما يتم تصنيف الوثائق باعتبارها " مبتكرة " فإنه عادة ما يتم تأمين الأصول المادية في اقتصاد المشاركة بدلاً من الأصول غير الملموسة". لكن في عالم لا تمتلك فيهAirbnb ِ)وهي سوق على الإنترنت لترتيب أو تقديم الإقامة والخبرات السياحية وتعمل بمثابة وسيط ، تتلقي العمولات من كل حجز ( أي فنادق ، ولا تمتلك Uber ، أكبر شركة سيارات أجرة ، أي سيارات ، فهذه الوثائق محدودة الاستخدام. تلك التي تحمي الأصول مثل البيانات ، والملكية الفكرية والسمعة غالبًا ما تكون مكلفة ومخصصة ، وتتضمن استثناءات وقيود صارمة.

إن شعور شركات التأمين بالحذر تجاه المخاطر غير الملموسة أمر مفهوم، فهي ليست أخطاراً جديدة ومعقدة فقط، بل إنها تشبه إلى حد ما الهلام غير المحدد بعد، كما يتغير شكلها باستمرار.

وعادة ما ترغب شركات التأمين في إلقاء نظرة على البيانات السابقة حول معدل تكرار الأحداث وكذلك مدى تعرض العملاء الحاليين للخطر – وهو أمر قد يكون أقرب إلى المستحيل عند تقييم مخاطر وآثار الهجوم الإلكتروني ، والتي من شأنها أن يتم تسعيرها بطريقة مختلفة جداً . لكن بدأت بعض شركات التأمين الترويج لوثائق تأمين أكثر ملاءمة. أحد هذه الوثائق يقدم غطاء تأميني في حدود معينة ، بحيث تقوم الشركة بدفع مبلغ ثابت تلقائيا في حالة وقوع حدث محدد ، مثل الاختراق. .. وميزة هذه الوثائق أنها يمكن أن توفر الأموال بسرعة ، وتلبي الحاجة الفورية بعد الضربات المحزنة. ومن عيوبها أنها لا تغطي سوى جزء من الأضرار.

رأي الاتحاد المصري للتأمين

إن التحول الذي طرأ على أهمية الأصول الملموسة وقيمتها تحول هائل، كما أن الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها هائلة ، لكن قطاع التأمين لا يزال يخطو أولى خطواته لإيجاد حلول لسد الفجوة التأمينية في هذا المجال.

ويمثل إيجاد حلول للتأمين على المخاطر غير الملموسة فرصة لصناعة التأمين لسد الفجوة التأمينية لأن وثائق التأمين التقليدية لم تعد تصلح لتغطية هذا النوع من المخاطر.

كما تحتاج جميع الشركات والمشروعات المختلفة إلى إدراك أن أصولها غير الملموسة هي أهم الأصول التي تتحكم فيها وأنها النقطة التي ستظهر منها أكبر وأهم المخاطر.

وإلى الوقت الذي ستستطيع فيه شركات التأمين أن تكمل هذا التحول وتوفر التغطيات التأمينية اللازمة ، ستبقى الأصول غير الملموسة نقطة الضعف في إدارة المخاطر.

Sources

-Touching the void: insuring intangible assets ، Article by Thomas Holzheu, Swiss Re Institute Research & Chief Economist for the Americas.

- Carter Perry Baily LLP, ensuring intangible assets: Is the insurance industry keeping pace with its customers’ changing requirements?

- 2019 Intangible Assets Financial Statement Impact- Comparison Report - Global Edition- AON.

- The economist, Finance and economics - Aug 23rd 2018.


[1]:  S&P 500 هو مؤشر سوق الأوراق المالية الذي أعدته ستاندرد اند بورز لتتبع أسهم   أكبر 500 شركة أمريكية من حيث رأس مالها السوقي