مقدمة " الاستثمار المستدام "

الاستثمار المستدام أو الاستثمار ذا المردود الاجتماعي يُعد أحد أشكال الانضباط الاستثماري الذي يراعي المعايير البيئية والاجتماعية ومعايير حوكمة المؤسسات، وذلك بناءً على قيم أخلاقية أو معنوية معينة لتوليد عائدات مالية طويلة المدى، وإحداث تأثير إيجابي في المجتمع أو البيئة أو الاقتصاد ككل في الوقت نفسه.

أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون أن تضعف قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم التنموية، وتتحمل الحكومات والمواطنون، على حد سواء، المسؤولية عن المساهمة في تحقيق ذلك من خلال تصرفاتهم.

المسؤولية والوعي

ويتطلع الكثير من المستثمرين، الذين يتمتعون بالمسؤولية والوعي حالياً إلى ما هو أبعد من مجرد استثمار رؤوس أموالهم لأهداف تحقيق عائد مادي على أموالهم فقط، بل إنهم حريصون على أن تسهم طريقة تخصيص أموالهم المستثمرة في تحقيق الاستدامة للبيئة والمجتمع وتعزيزهما، ويبذلون جهدهم الجاد للجمع بين أهدافهم المالية وقيمهم الأخلاقية، وهذا ما يُشار إليه باسم الاستثمار المستدام أو الاستثمار ذي المردود الاجتماعي.

وأظهرت إحدى الدراسات العالمية أن نسبة 1% من تحول أسواق رأس المال العالمية نحو الاستثمار المستدام، كافية لأن تغطي فجوة التمويل السنوية الحالية المقدرة بمبلغ 2.5 تريليون دولار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

الاستثمار المستدام

ويمكن ممارسة الاستثمار المستدام في جميع فئات الأصول تقريباً، بما في ذلك النقد والأسهم والسندات وحتى الاستثمارات البديلة، وتتوافق الأدوات المالية الإسلامية بسهولة مع هذا النوع من الاستثمار.

واعتماداً على أولوياتهم ومجالات اهتمامهم أو تركيزهم، قد يطلق المستثمرون على هذا النوع من الاستثمار، مسميات مثل «الاستثمار القائم على القيم»، و«الاستثمار المؤثر»، و«الاستثمار الأخلاقي»، و«الاستثمار ذو المردود الاجتماعي»، و«الاستثمار الأخضر».

وتنامى هذا النوع من الاستثمار في السنوات الأخيرة بخطى سريعة حيث تشير التقديرات إلى أن الأصول المالية المدارة باستخدام المفهوم الموسع لهذا الأسلوب الاستثماري بلغت 23 تريليون دولار في مطلع 2016، أي بزيادة قدرها 73% عن السنوات الأربع السابقة، حسب تقرير صدر بتمويل من مجموعة شركات مالية، ويتركز الجزء الأعظم من هذا النشاط الاستثماري بين المستثمرين من المؤسسات.

حوافز عدة

وثمة حوافز عدة تدفع باتجاه الاستثمار المستدام، ومن بينها المعتقدات والقيم والأهداف الشخصية أو استراتيجية الاستثمار أو أهداف العائد المالي طويل المدى، أو حتى السياسات والأنظمة الحكومية.

ويهدف المستثمرون الذين يتجهون إلى الاستثمار المستدام، إلى تحقيق عائدات مالية واستثمارية جيدة ومعقولة، دون أن يؤثر ذلك في مساهمتهم الإيجابية في البيئة والمجتمع والتنمية الاقتصادية المستدامة، فقد يسعون بجدية إلى هذا النوع من الاستثمارات التي تسهم في حماية البيئة أو لها مساهمة إيجابية في المجتمع، أو ببساطة ربما يتجنبون أو يستبعدون الاستثمارات التي لا تفي بهذه المعايير أو التي يُنظر إليها بأنها غير أخلاقية أو ضارة بالبيئة أو المجتمع.

ويعتمد ذلك في العادة على مقاييس رئيسة، أو يضع مؤشرات أداء معينة في مجالات البيئة والمجتمع والحوكمة، يجب أن تتم تلبيتها، حتى يفكر المستثمر في إضافة استثمار معين إلى محفظته الاستثمارية.

ويعتمد المستثمرون في الاستثمارات ذات المردود الاجتماعي (Socially responsible investors) على مقاييس بيئية واجتماعية وحوكمة مختلفة عند تقييم استثمار ما، حيث يتبنى بعض المستثمرين تلك الاستراتيجيات لإدارة المخاطر المرتبطة، على سبيل المثال بالمناخ والإضرار بالسمعة التي تلازم الأنشطة الاقتصادية غير المسؤولة، ما قد تؤثر في أداء استثماراتهم على المدى الطويل.

في حين قد يعتقد مستثمرون آخرون بأن أداء هذه الاستثمارات على المدى الطويل سيكون أفضل مالياً من أداء الاستثمارات الأخرى، وأنها ستحقق عائدات استثمارية أعلى، وقد أيّدت دراسات بحثية عديدة هذا الاعتقاد.

وتتآلف هذه الفئة في المستثمرين من أفراد، يشملون مستثمرين أفراداً عاديين وأفراداً من أصحاب الثروات ومكاتب عائلية وصناديق استثمار وصناديق معاشات وجامعات ومؤسسات ومنظمات غير ربحية وجهات حكومية وحتى مؤسسات دينية. كما توجد المئات من مؤسسات إدارة الاستثمار في جميع أنحاء العالم تقدم لهؤلاء المستثمرين صناديق وأدوات استثمار مستدام.

الاستثمار المسئول

ترتبط المفاهيم الثلاثة للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بشكل وثيق الصلة بمفهوم الاستثمار المسئول. وقد بدأ الاستثمار المسئول كمنطقة استثمار متخصصة، حيث كان يوفر احتياجات أولئك الذين رغبوا في الاستثمار، إلا أنهم يريدون أن يقوموا بذلك في إطار المعلمات التي تحدد أطرها الأخلاقيات. وفي الآونة الأخيرة، استحوذ هذا النوع من الاستثمار على نسبة مئوية كبيرة من سوق الاستثمار.

إستراتيجيات الاستثمار:

يهدف الاستثمار المسئول إلى السيطرة على تخصيص الاستثمارات من خلال العديد من الطرق:

·     الانتقاء الإيجابي، حيث يقوم المستثمر بشكل نشط باختيار الشركات التي يقوم بالاستثمار فيها، ويمكن أن يتم تنفيذ ذلك من خلال الالتزام بمجموعة محددة من معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أو من خلال أفضل طريقة متبعة في تلك الفئة، حيث يتم اختيار مجموعة فرعية من أعلى الشركات التي تلتزم بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أداءً من أجل تضمينها في محفظة استثمارية.

·     النشاط، التصويت الإستراتيجي من خلال المساهمين لدعم موضوع معين، أو لإحداث تغيير في حوكمة الشركة.

·     المشاركة، مراقبة الصناديق الاستثمارية لأداء الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لكل شركات المحفظة وقيادة حوارات تشاركية بناءة للمساهمين مع كل شركة لضمان تحقيق التقدم.

·     الدور الاستشاري، يميل كبار المستثمرين والمساهمين إلى أن يمتلكوا القدرة على المشاركة فيما يعرف باسم "الدبلوماسية الهادئة"، حيث يتم عقد اجتماعات منتظمة مع الإدارة العليا من أجل تبادل المعلومات ولكي يكونوا بمثابة أنظمة تحذير مبكر للمخاطر والمشكلات الإستراتيجية أو المشكلات المتعلقة بالحوكمة.

·     الاستبعاد، إزالة عوامل أو شركات معينة من الاعتبار عند الاستثمار، اعتمادًا على معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات المحددة.

·     التكامل، دمج مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وفرصها في التحليل المالي التقليدي لقيمة حق المساهم.

المستثمرون المؤسسيون :

من العلامات المميزة لسوق الاستثمار المعاصر الاختلاف في العلاقة بين الشركة ومستثمري حق المساهم بها. لقد أصبح المستثمرون المؤسسيون الملاك الرئيسيين للأسهم - حيث زادت نسبتهم من 35% في عام 1981 وحتى 58% في عام 2002 في الولايات المتحدة، ومن 42% في عام 1963 إلى 84.7% في عام 2004 في المملكة المتحدة، كما تميل المؤسسات إلى العمل وفق إستراتيجية استثمار بعيدة المدى. وتهتم شركات التأمين والصناديق التبادلية وصناديق المعاشات التي تقع عليها التزامات دفع على المدى البعيد بشكل أكبر بالاستدامة على المدى البعيد للاستثمارات الخاصة بها أكثر من المستثمرين المفردين الذين يبحثون عن الأرباح على المدى القريب.

مبادئ الاستثمار المسئول:

تم وضع مبادئ الاستثمار المسئول (PRI) في عام 2005 من خلال مبادرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة المالية والميثاق العالمي للأمم المتحدة كإطار عمل من أجل تحسين تحليل عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في عملية الاستثمار ومن أجل مساعدة الشركات في مجال تنفيذ ممارسات الملكية المسئولة.

نماذج الاستثمار المستدام " تجارب "

تشير الاستثمارات الخضراء والمستدامة بشكلٍ عام إلى الحلول التمويلية التي تستهدف تحقيق عوائد تنافسية مع التأثير بشكلٍ إيجابي على البيئة المادية والاجتماعية.

تشتمل هذه الأصول "الخضراء" عادةً على أنظمة منخفضة الانبعاثات الكربونية، أو شبكات ذكية، أو مبادرات مكافحة التلوث، أو إعادة التدوير، أو إدارة/تحويل النفايات، أو المشاريع الاجتماعية، أو المشاكل البيئية.

الاستثمارات المستدامة والخضراء أكثر أخلاقية إذا نظرنا إليها من ناحية التأثير والتطبيق، لكنها – مثلها مثل الاستثمارات العادية – معرضة لمنحنيات الصعود والهبوط حيث إنه قد تكون ذات نتيجة جيدة جدًا لفترة من الزمن ثم تهبط بحدة فجأة! يعتمد هذا على تقلبات عوامل خارجية مثل التقلبات السياسية والتشريعية والإعانات، وتعتبر صناعة الطاقة الشمسية مثالًا شاهدًا على هذا.

من أهم خطوات إحداث تأثير أخضر عالمي هو تصدير التقنيات الخضراء من البلدان التي لها خبرة كبيرة وتجارب متعددة في مجال الإنتاج للبلاد الأخرى، ويمكن اعتبار هذا جزءًا من "الاستثمار الأخضر الأجنبي".

تُعرَف دول الشَمال (النرويج والسويد والدنمارك وأيسلندا وفنلندا) بالقيادة في التنمية المستدامة، كما سبق لهذه البلدان أن أظهرت نموذجًا قابلًا للتطبيق في زيادة الاستثمارات الخضراء من أجل تصدير تقنياتها الخضراء. من الأمثلة البارزة في ذلك تسهيل تصدير تقنيات الفرز وإعادة التدوير لشركة "Tomra’s" – وهي شركة نرويجية لإدارة النفايات – إلى بولندا حيث تم إحداث تناسب بين السوق والمنتجات بناءً على المعلومات التي وفرها فريق شركة "Green Business Norway’s" (مجموعة من الشركات النرويجية الخاصة بالأعمال الخضراء) الذي له خبرات عملية في كلٍ من بولندا والنرويج.

كانت المشاريع التي شارك في تمويلها برنامج مبادرة الصناعة الخضراء " Green Industry Innovation" تشمل تصدير تقنيات الفرز الآلية النرويجية إلى بلدية بولندا للنفايات الصلبة ثم الفرز الأكثر دقة للنفايات المعدنية والبلاستيكية في مصانع إعادة التدوير. بعد اكتمال هذه المشاريع زاد إجمالي المواد القابلة لإعادة التدوير من بلدية بولندا للنفايات الصلبة بنسبة 20%، وزاد إعادة تدوير المعادن والبوليمر بنسبة 300%، كما تحسنت عوائد هذه التسهيلات في المتوسط بنسبة 80%.

ولكي يتم المحافظة على هذا النمو الأخضر، تدخلت جرين بزنس نورواي في الاستغلال الأمثل للبيئة والاقتصاد، وتطوير استراتيجيات لإنتاج المواد الثانوية، وتقييم فرص تحويل الطاقة إلى نفايات للأنظمة الحالية.

وبطريقة مماثلة، وبهدف إدارة مخاطر الاستثمار في تقنيات بلاد الشمال، تم استخدام آلية مشابهة في الشرق الأوسط واسمها الأعمال الخضراء الاسكندنافية (Green Business Scandinavia)، وهي منظمة مهنية مقرها مدينة مصدر بأبوظبي لها برنامج لاستقصاء المعلومات يعمل على تأمين الاستثمارات الدولية لأعضاء دول الشمال وفي الوقت نفسه إدارة مخاطر الاستثمار في الشرق الأوسط.

المدينة المستدامة بدبي: استشراف مدن المستقبل

تشكل المدينة المستدامة تطبيقًا حديثًا لمفهوم الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في مجال البناء والانشاءات، وباعتباره أول مشروع تنمية تشغيلي في مجال الأبنية صفرية الطاقة بدبي، يعرض هذا المشروع على المستوى الدولي ماهية العيش والعمل والتعليم والترفيه المستدام.

تقع المدينة المستدامة في دبي لاند وتمتد على مساحة 460 هكتار، حيث توفر مجموعة متكاملة من المرافق الاجتماعية والمزايا البيئية، واكتملت في عام 2016، تألفت المرحلة الأولى من المشروع من 500 فيلا مقسمة إلى خمس وحدات سكنية ومسجد وروضة أطفال ومرفق متعدد الاستخدام تبلغ مساحته 15,000 متر مربع ومزرعة ومرافق عامة، ومركز للفروسية.

وستشمل المرحلة الثانية فندق إنديجو ومستشفى التأهيل الشامل ومدرسة دولية بالإضافة إلى مركز الماس للإبداع.

الاستدامة البيئية:

الطاقة:

بداية، تتميز الفلل بواجهاتها الشمالية لتجنب الشمس، وتساعد الشوارع الضيقة المسماة "السكك" من في زيادة نسبة الظل إلى أقصى حد ممكن وتقلل من التعرض البدني للمخاطر؛ كما تتميز المدينة بمجموعة أخرى من مزايا التصميم الفعال والتي تتضمن العازل المتطور والطلاء العاكس للأشعة فوق البنفسجية ومكيفات الهواء الموفرة للطاقة والإضاءة التي تعمل بنظام الليد (LED) ونظام السخانات الشمسية لإنتاج المياه الساخنة، ويساعد كل ذلك في تخفيض استهلاك الكهرباء إلى نسبة تتجاوز 50% مقارنة بالفلل التقليدية في دبي.

تم تزويد المدينة المستدامة بألواح توليد الطاقة الشمسية بقوة 10 ميجا وات، وتُثبَّت هذه الألواح فوق أسطح الفلل وذلك لتقليل استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 30% سنويًا، كما يساعد التكامل بين إدارة الطلب على الطاقة والألواح الشمسية فوق الأسطح في تخفيض فواتير الكهرباء إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في المباني المماثلة؛ وتنتج مواقف السيارات المظللة بمظلات شمسية طاقة إضافية تدعم المناطق المشتركة بما في ذلك مصابيح الإنارة في الشوارع الحيوية والشلالات المائية وأبراج الهواء (والتي تسمى باراجيل) والمرافق العامة.

المياه:

تتضمن استراتيجية المياه في المدينة المستدامة أجهزة ومعدات لتوفير المياه ومعالجة المياه الرمادية وإعادة استخدامها في تنسيق الحدائق المثمرة ومعالجة المياه السوداء وإعادة استخدامها في تنسيق الحدائق غير المثمرة؛ وتستهلك الفلل المياه العذبة بنسبة أقل من الفلل التقليدية قد تصل إلى 40%، مما يقلل الطلب على تحلية المياه وما يصاحبها من انبعاثات الغازات الدفيئة؛ وتساعد تضاريس المدينة المستدامة في تصريف مياه الأمطار في شبكة دقيقة من المجاري السطحية ونظام "فلج" التقليدي الذي يساعد في تجديد مخزون المياه الجوفية.

النفايات:

تعتمد المدينة المستدامة طريقة فرز النفايات بنسبة 100% من المصدر، وتتوفر صناديق النفايات عند كل مجموعة سكنية لتشجيع السكان على فرز النفايات من المصدر إلى خمس قوائم من النفايات، وتعمل المركبات الكهربائية على جمع النفايات لنقلها إلى منشأة "تدوير" (أكبر منشأة لتدوير المواد في دبي) حيث يتم إعادة تدويرها وتداولها، ويتم تحويل النفايات الخضراء إلى سماد في الموقع وتستخدم في تنسيق الحدائق العامة، بينما يتم جمع أنواع النفايات الأخرى ومعالجتها بشكل منفصل –على سبيل المثال، نقل الزيت المستخدم من الفلل والمطاعم إلى أحد منشآت إنتاج الديزل الحيوي.

جودة الهواء:

يتوفر عدد من "باراجيل" أبراج الهواء في أماكن حيوية داخل كل مجموعة سكنية لتوفير هواء بارد منخفض الرطوبة في الساحات، بالإضافة إلى توفير حزام أخضر يبلغ عرضه 30 متر يحيط بالمجموعة السكينة حيث يوفر موئلَا بيئيًا هامًا للطيور والزواحف، ويساعد هذا الحزام الأخضر في تقليل تلوث الهواء والضوضاء، وتوفير الظل على الدراجات ومضامير الخيول.

المنتجات الخضراء:

تم بناء الفلل باستخدام ألواح الحائط سابقة الصب وعناصر البناء سهلة التركيب، مما ساعد في تحقيق الأهداف المتعلقة بتوفير الوقت وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتم تحسين عمليات القطع والتعبئة للحد من على إجماليات الاستيراد والتصدير وتقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن وسائل النقل خارج الموقع؛ وتستخدم أعمدة الخشب الرقائقي الذي يتم توفيره من الغابات المستدامة في إنارة الشوارع، كما تستخدم المسارات المطاطية فتات المطاط من إطارات السيارات المستعملة، وتوفر مواد الرصف زاهية الألوان مناخاً محلياً أكثر برودة، وفي المرحلة الثانية سوف يتم اختيار المواد بناءً على تقدير دورة حياتها.

التنقل:

تشجع استراتيجية النقل بالمدينة السكان على الحد من استخدام النقل الآلي والاعتماد بشكل أكبر على المشي وركوب الدراجات، وتعتبر المجموعات السكنية مناطق خالية من السيارات، ولذلك يسهل الوصول إليها سيرًا على الأقدام فقط أو عن طريق العربات الكهربائية عبر السكك التي تربط بين أجزاء المدينة؛ توفر محطات الشحن الكهربائية التيار الكهربائي لمالكي العربات الكهربائية مجانًا. وقريبًا، وسوف تطلق المدينة المستدامة برنامج مشاركة العربات الكهربائية لتشجيع سكانها على استخدام التنقل الكهربائي بالطاقة الشمسية وترك استخدام سياراتهم العائلية الثانية.

الزراعة الحضرية:

تضم المزرعة الحضرية وسط المدينة المستدامة 11 قبة حيوية منظمة الحرارة، ويمكن للمقيمين بالمدينة زراعة الأعشاب والخضروات الخاصة بهم داخل هذه القبب الحيوية أو على طول نظام "الفلج"، وتحقق المدينة المستدامة اكتفاءها الذاتي من الأعشاب والخضروات الورقية، كما بدأت زراعة مجموعة أخرى مختارة من الخضروات بما فيها الكوسا والباذنجان والذرة الحلوة والطماطم، وتم زراعة النخيل على طول الطريق الدائري، وتنتج المزرعة المركزية 40-50 طنًا من التمور سنويًا.

وعلاوة على ذلك، تقلل المزرعة الحضرية للمدينة والمناظر الطبيعية المنتجة من البصمة الكربونية للسكان عن طريق القضاء على احتياجات النقل والتخزين.

الاستدامة الاجتماعية:

تعتبر المدينة المستدامة أكثر من مجرد إنجاز على المستوى الهندسي والتقني، حيث يدعم المشروع المفهوم السامي للاستدامة بين سكان المدينة وموظفيها وزوارها، كما تشمل البنية التحتية في المدينة المستدامة الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية عبر مساحات شاسعة مثل الملاعب والساحات، وتشمل المرافق الرياضية المحاكم والمسبح العام ومسارات ركوب الدراجات ومراكز اللياقة الخارجية ونادي الفروسية لمساعدة السكان في اتباع نمط حياة صحي، علاوة على ذلك، تستضيف المدينة المستدامة مجموعة متنوعة من المناسبات طوال العام (مثل استقبال المناسبات البيئية والحلقات الدراسية والترحيب بها)، وذلك من أجل إنشاء مجتمع متماسك يدعو إلى التسامح والاحترام في التعامل مع الناس من مختلف الثقافات والخلفيات والمعتقدات.

كما سيقدم المربع الماسي خدمة الرعاية الصحية للبالغين والأطفال، بما في ذلك الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وستضع المدرسة الدولية معايير جديدة للتعليم على مستوى عالمي، وإدماج الاستدامة خلال رحلة التعلم مع توفير مستويات أكاديمية عليا وممارسات تعليمية مبتكرة؛ أما بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، فتقدم حضانة كريكدس رعاية دولية للأطفال ورعاية تعليمية مميزة؛ وستعمل المناهج الدراسية في روضة الأطفال (والمدارس) استكمال نموذج المدينة المستدامة المتقدم والمستدام، كما ستساعد في خلق جيل إنساني قادر على حل المشكلات.

الاستدامة الاقتصادية:

تثبت المدينة المستدامة أن البناء المستدام بيئيًا ينبغي أن يكون مستدامًا اقتصاديًا أيضًا، وأثناء عملية البناء، لم تقتصر فوائد الاستثمارات المتعلقة بالاستدامة على مجرد توفير التكاليف بفضل التصميم المستدام، بل انتفع السكان أيضًا من الانخفاض الكبير في فواتير الطاقة والمياه دون دفع أقساط عن منازلهم، كما استفاد السكان بالتخلص نهائيًا من تكاليف صافي الخدمة الصفرية والصيانة بفضل مخطط تقسيم الإيرادات المميز للمرافق متعددة الاستخدام.

كيف أصبح الاستثمار المستدام هدف أصحاب الثروات في الإمارات

والصين والبرازيل

حيث تسهم هذه الدول بأعلى معدلات تبني الاستثمار المستدام،

فيما تسجل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أدنى المعدلات

كشفت مجموعة UBS لإدارة الثروات عن نتائج دراسة استطلاعية التي حملت عنوان "العائد على القيم"، والتي تعد أكبر دراسة دورية في العالم للأفراد ذوي الدخل المرتفع.

وكشفت الدراسة عن وجود اختلافات حادة في المشهد الاستثماري المستدام، حيث سجلت الاقتصادات الناشئة، مثل الصين والبرازيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، معدلات أعلى في الاعتماد على الاستثمار المستدام (60% و53% و53% على التوالي)، بينما سجلت دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة معدلات أدنى في اعتماد مستثمريها على هذا النوع من الاستثمارات (12% و20% على التوالي). وكان متوسط النسبة المسجلة حول العالم هو 39%.

وتختلف توقعات العائدات بشكل كبير مع اختلاف الدول. ففي الصين والإمارات والبرازيل، حيث سجل اعتماد مرتفع للاستثمار المستدام، يعتقد أكثر من 60% من المستثمرين أن الاستثمارات المستدامة ستتفوق على الاستثمارات التقليدية (66% في الإمارات، 50% عالمياً). بينما كانت هذه النسبة في الولايات المتحدة 19% وفي المملكة المتحدة 27%.

الامارات ، نموذج رائد بين الدول العربية :

يعتبر المستثمرون في دولة الإمارات أكثر المستثمرين حماسة عندما يتعلق الأمر بالعمل الخيري، حيث يعتقد أكثر من 9 من أصل 10 أشخاص (92%) بأن رد الجميل للمجتمعات التي يعيشون فيها يعد من مسؤولياتهم، وأن العمل الجيد أكثر أهمية من زيادة أرباحهم وثرواتهم. وتتحول هذه العقلية إلى نهج استثماري، حيث تعتقد أغلبية كبيرة (80%) من المستثمرين الأثرياء في الدولة أنه من المهم استخدام وقتهم ومواردهم للمساهمة في بناء كوكب أفضل (بالمقارنة مع المعدل العالمي الذي يبلغ 65%). وقد أكدت الدراسة أن جميع الأعمار والأجناس في دولة الإمارات يحملون الفكر ذاته تجاه هذه القضايا.

ونتيجة لذلك، ذكر 83% من المستثمرين في الإمارات أنهم يعملون على مواءمة قرارات الإنفاق الخاصة بهم مع قيمهم الشخصية (بالمقارنة مع النسبة العالمية: 81%)، كما أكدوا أنهم مستعدون لدفع أموالٍ إضافية لشراء المنتجات من الشركات التي تتبنى ممارسات مستدامة (76% في دولة الإمارات، و69% عالمياً)

وجدت الدراسة أنه من بين بعض الشركات التي لم تتبن مفهوم الاستثمار المستدام في دولة الإمارات، فإن 72% من هذه الشركات ذكرت أن قياس مدى التأثير يعد العائق الأكبر أمامهم. كما يعتقد حوالي 69% (بالمقارنة مع نسبة 68% عالمياً) أن خيارات الاستثمار المستدام ليست ثابتة، مشيرين إلى سجلات التتبع القصيرة وقلة الشركات المستدامة المعروفة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشركات السابق ذكرها تملك تصوراً مسبقاً بأن الاستثمارات المستدامة تشمل رسوماً أعلى، حيث أظهرت النتائج أن 56% من هذه الشركات تتبني   التصور هذا  (بالمقارنة مع 46% عالمياً).

تظهر الدراسة أن نسبة قليلة من المستثمرين في دولة الإمارات مستعدون للتضحية بالعائدات عند الخوض في الاستثمار المستدام. وفي الواقع، يعتقد 93% من المستثمرين في الإمارات (بالمقارنة مع 82% عالمياً) أن العوائد من الاستثمارات المستدامة ستتوافق مع الاستثمارات التقليدية أو تزيد عنها. كما إنهم ينظرون إلى الشركات المستدامة على أنها أكثر مسؤولية وتتمتع بإدارة أفضل ذات نظرة تقدمية، وبالتالي تقدم استثمارات جيدة.

الاستثمار المستدام يتميز بزخم قوي

على الرغم من باقي المخاوف، يتوقع المستثمرون في الإمارات أن ينمو الاستثمار المستدام بنسبة تتراوح بين 53% و66% خلال السنوات الخمس المقبلة. كما يعتبر المستثمرون في الإمارات الأكثر إيماناً بأن الاستثمار المستدام سيصبح التوجه الطبيعي الجديد للاستثمار خلال السنوات العشر المقبلة (75%). وعلى النقيض، فإن ثلث المستثمرين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فقط يوافقون على أن الاستثمار المستدام سيصبح التوجه العمومي في تلك الفترة الزمنية.

ويتوقع 73% من كبار رواد الاستثمار المستدام في دولة الإمارات، والذين تتجاوز أعمارهم الـ 65 عاماً، العمل في استثمارات مستدامة بحلول العام 2023، بالمقارنة مع نسبة 65% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً.

دور الاتحاد المصري للتأمين

يستوعب الاتحاد المصري للتأمين مفهوم التنمية المستدامة ويعمل على نشر الوعي والثقافة بمبادئ التأمين المستدام والاستثمار المسؤول حيث نظمت الهيئة العامة للرقابة المالية والاتحاد المصري للتأمين بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للبيئة UN Environment’s Principles for Sustainable Insurance (PSI) Initiative لقاء للأطراف المعنية بالسوق المصري حول التأمين المستدام وكيفية تشكيل أجندة التأمين المستدام في مصر وذلك بفندق كونراد النيل بالقاهرة - مصر بتاريخ 9 ابريل 2019 ، حيث يعد هذا الحدث هو الأول من نوعه بالشرق الأوسط وشمال افريقيا ويهدف الى التمكن من تشكيل أجندة التأمين المستدام في مصر والمنطقة.

هذا وقد افتتح اللقاء الأستاذ الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، حيث أعرب عن كونه فخور بشروع قطاع التأمين بتطبيق التنمية المستدامة، وأضاف سيادته أن قطاع التأمين من القطاعات الهامة وسيكون له دور كبير في تشكيل اجندة التأمين المستدام بمصر وتحديد المشاكل البيئية وبعض المشاكل الأخرى وكيفية التعامل معها ومن تلك المشاكل (تغير المناخ، المسؤولية الاجتماعية للشركات وحوكمة الشركات).

بالإضافة الي ذلك عقدت وحدة التنمية المستدامة التابعة للهيئة العامة للرقابة المالية برنامج تدريبي حول التنمية المستدامة بتاريخ 26 مايو 2019، وذلك للعاملين بالاتحاد المصري للتأمين بهدف نشر الوعي بين العاملين بالاتحاد قبل اتخاذ أي إجراءات تفعيلية لنشر الوعي بين العاملين بسوق التأمين المصري للتأمين.

 

وعلى هامش الحدث الاول من نوعة بالشرق الاوسط وشمال افريقيا والهدف الى تشكيل اجندة التأمين المستدام فى مصر والمنطقة فقد تم الاتفاق مع الهيئة العامة للرقابة المالية على تكوين لجنة فنية بالاتحاد للتأمين المستدام لتمثل النواة الاولى لخدمة قطاع التأمين 

 

Sources:

https://www.envirocitiesmag.com/articles/sustainable_i

www.ubs.com

https://arabic.arabianbusiness.com/349854-%D9%83%D9%8A%D9%81-

https://www.emaratalyoum.com/business/local/2019-02-16-1.1182990