إيماناً من الدولة بأن القضاء العادل الناجز من أهم العوامل التي تسهم في توفير المناخ الملائم للتنمية الاقتصادية الدائمة وتشجيع الاستثمار، وتحرير التجارة وجذب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، فضلاً عن تشجيع رؤوس الأموال المصرية للمشاركة في مشروعات التنمية.

ومن منطلق أهمية حسم المنازعات التي تنشأ بمناسبة ممارسة النشاط الاقتصادي بصفة عامة ، ونشاط الاستثمار على وجه الخصوص صدر القانون رقم (120) لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية ، وقد تضمن هذا القانون أحكاماً تهدف إلى إرساء القواعد العامة لنظام قضائي متخصص يضمن سرعة الفصل في المنازعات المنصوص عليها في القانون ، بواسطة قضاه مؤهلين ومتخصصين يتفهمون دقة المسائل الاقتصادية وتعقيداتها في ظل العولمة وتحرير التجارة – محلياً وعالمياً – وبما يحقق وصول الحقوق لأصحابها على نحو ناجز، مع كفالة حقوق الدفاع كاملة ، الأمر الذى يسهم بشكل كبير في إيجاد بنيه اقتصادية آمنه .

 

وعلاوة على ذلك فإن إنشاء المحاكم الاقتصادية يساعد على تحقيق العديد من الأهداف الأخرى من أهمها:

·     أن القضاء المتخصص قد أصبح من أهم العوامل التي تساهم في توفير مناخ التنمية الاقتصادية الدائمة، وتساعد على جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.

·     أن القضاء المتخصص يعنى توفير العناصر التي تضمن دقة الفصل في المنازعات الاقتصادية، وصدور أحكامه وتنفيذها في آجال مناسبة، وهو ما اصطلح على تسميته بالعدالة الناجزة.

·     الحاجة إلى آليات قضائية إجرائية حديثة، تناسب الطبيعة الخاصة للمنازعات الاقتصادية، وتمنح الخصوم فرصاً متساوية لإنهاء النزاع صلحاً.

·     حتمية التطوير والتحديث القضائي اقتضى وجود هذه النوعية من المحاكم للتيسير على المتقاضين.

·     يعد خطوه هامه ومحمودة لتفعيل مبدأ تخصص القضاة الذي نص عليه قانون السلطة القضائية.

 

وتعد أهم الفروق بين المحاكم الاقتصادية وغيرها من المحاكم العادية وفقاً لما جاء في دليل اجراءات التقاضي لدى المحاكم الاقتصادية الصادر عن وزارة العدل في عام 2009 في أن قانون المحاكم الاقتصادية قد تضمن عدة آليات إجرائية حديثة تضمن سرعة وفعالية الفصل في الدعوى الاقتصادية، منها:

·     دائرة الاختصاص المحلى للمحكمة الاقتصادية هي ذات دائرة الاختصاص المحلى لمحكمة الاستئناف.

·     تتشكل المحكمة من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية معاً داخل ذات المحكمة.

·     تختص تلك المحاكم بالدعاوى الاقتصادية التي حددها القانون، سواء كانت مدنيه تجارية أو جنائية، دون غيرها.

·     اختصاص الدوائر الابتدائية فيها بنظر الجنح كمحكمة أول درجة بديلاً عن المحكمة الجزئية والقاضي الفرد.

·     اختصاص الدوائر الاستئنافية بنظر الطعن في الأحكام الصادرة في الجنح، وهو الدور الذي تقوم به محكمة الجنح المستأنفة في المحاكم الابتدائية.

·     نصاب اختصاص الدوائر الابتدائية بنظر الدعاوى المدنية التجارية التي تنشأ عن تطبيق القوانين المحددة حصراً في قانون المحاكم الاقتصادية هو خمسة ملايين جنيه.

·     اختصاص الدوائر الاستئنافية بنظر الدعاوى التي تزيد قيمتها عن ذلك النصاب كمحكمة أول درجة ومحكمة موضوع.

·     تتشكل الدوائر الابتدائية من ثلاثة قضاه بدرجه رئيس محكمة.

·     اختصاص الدوائر الاستئنافية بنظر الدعاوى غير مقدرة القيمة كبديل عن المحكمة الابتدائية ذات الاختصاص العام وفقاً للقواعد العامة.

·     يتولى مسائل الأمور المستعجلة والأوامر على عرائض في المحكمة الاقتصادية قاضى بدرجة رئيس محكمة (أ) على الأقل.

·     الاختصاص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة الاقتصادية معقود لرؤساء الدوائر الابتدائية فيها.

·     في المحكمة الاقتصادية هيئة لتحضير الدعاوى المدنية التجارية التي حددها القانون، تختص بتهيئة الدعوى للحكم فيها، كما تبذل محاولات للصلح بين الخصوم، مما يختصر الإجراءات ويساعد على سرعة الفصل في تلك الدعاوى.

·     في المحكمة الاقتصادية جداول للخبراء، روعي في اختيارهم التخصص، وارتباط خبراتهم بأنواع الدعوى الاقتصادية.

·     لا يجوز الطعن بالنقض إلا في أحكام الجنايات والجنح، والأحكام الصادرة ابتداءً من الدوائر الاستئنافية وما يطعن فيه النائب العام.

·     وضع القانون نظاماً خاصاً لنظر الطعن بالنقض في الأحكام التي تصدر عن المحكمة الاقتصادية التي أجاز الطعن فيها بهذا الطريق، بما يكفل سرعة الفصل فيه.

·     محكمة النقض تتصدى لموضوع الدعوى في أول مرة في حالة نقضها الحكم.

 

والجدير بالذكر أن المادة الرابعة من قانون المحاكم الاقتصادية قد نصت على اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها على سبيل الحصر في سبعة عشر قانوناً حددتها وهي: - 

1-      جرائم التفاليس في قانون العقوبات.

2-      قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر.

3-      قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة.

4-      قانون سوق رأس المال.

5-      قانون ضمانات وحوافز الاستثمار.

6-      قانون التأجير التمويلي.

7-      قانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية.

8-      قانون التمويل العقاري.

9-      قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.

10- قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.

11- قانون الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال واستثمارها.

12- قانون التجارة في شأن جرائم الصلح الواقي من الإفلاس.

13- قانون حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية.

14- قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

15- قانون حماية المستهلك.

16- قانون تنظيم الاتصالات.

17- قانون تنظيــم التوقيـــع الإلكتروني وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات.

 

بينما نصت المادة السادسة من هذا القانون على اختصاص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية بنظر المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق ثلاثة عشر قانوناً حددتها على سبيل الحصر عدا ما يدخل منها في اختصاص مجلس الدولة، وهي: - 

1-      قانون الشركات العاملة في مجال تلقى الأموال واستثمارها.

2-      قانون سوق رأس المال.

3-      قانون ضمانات وحوافز الاستثمار.

4-      قانون التأجير التمويلي.

5-      قانون حماية الاقتصاد القومي من الآثار الناجمة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية.

6-      قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه.

7-      قانون التمويل العقاري.

8-      قانون حماية حقوق الملكية الفكرية.

9-      قانون تنظيم الاتصالات.

10- قانون تنظيـم التوقيع الإلكتروني وإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات.

11- قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

12-      قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة.

13-      قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد.

 

وفى ضوء ما تقدم، يتضح أن، تحديد نطاق اختصاص المحاكم الاقتصادية ليس أساسه نوع ما يعرض على المحاكم الاقتصادية من قضايا، وإنما أساسه القوانين التي تثير هذا النوع من القضايا.

ولئن كانت تجربة إنشاء المحاكم الاقتصادية المتخصصة داخل النظام القانوني المصري قد مر عليها أكثر من عشر سنوات حيث بدأ العمل بأحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية اعتبارا من أول أكتوبر سنة 2008 ، وهى تجربة رائدة تفرد بها النظام القانوني المصري الذى كان له فضل السبق في إنشاء مثل هذه النوعية من المحاكم قبل كافة الدول العربية ،  بيد أن هذا القانون قد أغفل إدراج المنازعات الناشئة عن بعض القوانين التي تتصل بالاستثمار والتجارة ضمن اختصاصات المحاكم الاقتصادية ولا سيما المنازعات (الغير جنائية) الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر الصادر بالقانون رقم (10) لسنة 1981 وتعديلاته.

فالحقيقة التي لا مراء فيها أن إدراج منازعات التأمين ضمن الاختصاصات المدنية للمحاكم الاقتصادية له أثر عظيم في تطوير أداء صناعة التأمين في مصر، وبالتالي نمو الاقتصاد الوطني، بحسبان أن تلك المنازعات تتسم بالطبيعة الفنية العالية التي تحتاج إلى قضاة متخصصين ومؤهلين يدركون جيداً دقة المسائل التي تسفر عنها تلك النوعية من المنازعات.

فقد يحدث في  الواقع العملي من حين لآخر خلافات بين شركة التأمين والعميل تنتج عن اختلاف وجهتي النظر بين طرفي عقد التأمين بشأن تفسير شروطه ، وفى أغلب الأعم من الأحوال ولا سيما في حالات الخسارة المحدودة  تلجأ شركات التأمين إلى الحلول الودية مع العميل ، بل وتتنازل أحياناً عن بعض حقوقها لكسب ثقة العميل والحفاظ على صلتها  الطيبة به ، أما في حالة التعويضات الكبيرة فأن كل طرف في المنازعة يصر على موقفه ، وعندئذ يتم اللجوء إلى القضاء ، وقد تصل مدة التقاضي لسنوات طويلة ، مما يؤدى إلى تفاقم الخصومة والخلاف بين العميل وشركة التأمين التي يختصها مما يؤثر بالسلب على شركات التأمين بشكل عام من خلال التشكيك في مصداقية قطاع التأمين في الوفاء بالتزاماته الناشئة عن عقد التأمين.

 

ولا شك أن سرعة البت في المنازعات التي قد تنشأ بين شركات التأمين والعميل تؤدى بشكل كبير إلى تحقيق العدالة الناجزة والتي لها أبلغ الأثر في تحقيق مصداقية قطاع التأمين بوجه عام، فضلاً عن تحقيق الثقة والطمأنينة لدى العملاء مما يشجعهم على الإقبال على التأمين.

ولئن كانت المادة الرابعة من قانون المحاكم الاقتصادية قد حددت اختصاصات تلك المحاكم على سبيل الحصر فيما يتعلق بالمنازعات الناشئة عن بعض القوانين التي رأى المشرع المصري تعلقها بالنشاط الاقتصادي وعددها سبعة عشر قانوناً -كما سلف البيان - بيد أن المشرع أغفل في المادة السادسة من ذات القانون إدراج المنازعات الناشئة عن تطبيق بعض القوانين التي تتصل بالاستثمار والتي من أهمها على الاطلاق منازعات التأمين.

فالبين من استقراء نص المادة الرابعة وخاصة فيما يتعلق بالمنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين أن الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية تختص دون غيرها نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر وهي الدعاوى المنصوص عليها تحديداً في الباب الرابع عشر من القانون المشار إليه وتعديلاته وهي الجنح التالية: -

1-      مزاولة التأمين أو إعادة التأمين دون ترخيص. (م77/1)

2-      تمثيل هيئات أو شركات تأمين أجنبية أو التوسط لديها دون ترخيص. (م77/2)

3-      الامتناع أو التأخير في تقديم الدفاتر والمستندات لمندوبي الهيئة للاطلاع. (م77/3)

4-      إخفاء بيانات أو الإقرار ببيانات غير صحيحة عمداً وبقصد الغش (م77/4)

5-      إفشاء الأسرار. (م77/5)

6-      مخالفة التعريفات أو الأسعار أو الشروط أو النماذج المعتمدة من الهيئة (م78).

7-      التوسط في مصر في عقد تأمين أو إعادة تأمين دون قيد الوسيط في سجــلات الهيئة. (م79)

8-      مباشرة مهنة الخبراء الاكتواريين أو خبراء التأمين الاستشاريين أو خبراء المعاينة من غير المقيدين في السجلات الخاصة بذلك (م79).

9-      مخالفة أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر أو اللوائح أو القرارات الصادرة تنفيذاً له. (م80)

أما فيما يخص المنازعات والدعاوى الأخرى (الغير جنائية) الناشئة عن تطبيق أحكام قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مصر، فما زال الاختصاص بنظر تلك المنازعات والدعاوى معقوداً للمحاكم المدنية طبقاً للأوضاع المعمول بها قبل تطبيق أحكام قانون المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم (120) لسنة 2008.

 

رأى الاتحاد المصري للتأمين

حيث أن هناك مشروع قانون مقدم حالياً من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم (120) لسنة 2008 ومن بين هذه التعديلات اضافة اختصاص جديد لتلك المحاكم يتمثل في نظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن قوانين غسل الأموال وتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر والضمانات المنقولة والصكوك والاستثمار.

ولما كانت المذكرة الايضاحية لمشروع القانون المقدم أكدت على أن هذا المشروع تم اعداده ليتواكب مع المتطلبات المحلية والدولية ويتفادى السلبيات التي أفرزتها الممارسة العملية لتطبيق أحكام قانون المحاكم الاقتصادية ، ويتوسع في اختصاص المحكمة بنظر الدعاوى ، وهو ما كان مطلباً لبعض الهيئات والجهات الدولية ، فالجدير بالذكر أنه قد  سبق للاتحاد المطالبة عام 2013 بأن يتم إدراج منازعات التأمين ضمن الاختصاصات المدنية للمحاكم الاقتصادية ، وذلك من خلال مخاطبة مساعد وزير العدل لشئون المحاكم الاقتصادية ، وهو الأمر الذى  يؤكد عليه الاتحاد المصري للتأمين حتى الأن ، لأن إدراج منازعات التأمين ضمن الاختصاصات المدنية للمحاكم الاقتصادية سوف يكون له أثر عظيم في تطوير أداء صناعة التأمين في مصر  ، على اعتبار أن هذه المنازعات تتسم بالطبيعة الفنية العالية التي تحتاج إلى قضاه متخصصين ومؤهلين يدركون دقة المسائل التي تسفر عنها تلك النوعية من المنازعات.

تـنويه عام

رأي الاتحاد الوارد في هذه النشرة هو مجرد رأي فني غير ملزم لأي جهة أو أي شخص، والغرض منه هو ترسيخ مفاهيم العمل التأميني الصحيح ونشر الوعي والثقافة التأمينية، ولا يجوز نشره أو توزيعه دون موافقة كتابية من الاتحاد المصري للتأمين، ولا تعد أياً من البيانات والتحليلات أو المعلومات الواردة بهذه النشرة توصية ملزمة، وقد استند الاتحاد في هذا الرأي إلي معلومات وبيانات تم الحصول عليها من مصادر نعتقد بصحتها وامانتها، وفي اعتقادنا أن هذه المعلومات والبيانات تعتبر صحيحة وعادلة وقت اعدادها، ونؤكد على أن هذه البيانات والمعلومات لا يعتد بها كأساس لأي قرار يمكن اتخاذه، والاتحاد غير مسئول عن أي تبعات قانونية أو استثمارية تنتج عن استخدام المعلومات الواردة في هذه النشرة