فى ظل التطور التكنولوجى الهائل الذى يجتاح العالم بشكل سريع ومتلاحق؛ ظهرت بعض المصطلحات المرتبطة بذلك التطور التكنولوجى والتى كان من أبرزها مصطلح "الذكاء الاصطناعى Artificial Intelligence (AI) " والذى إنتشر الحديث عنه فى الآونه الأخيرة.

فما هو الذكاء الاصطناعى؟ وما هى القطاعات الرائدة فى مجال الذكاء الإصطناعى؟ وكيف يمكن  إستخدامه فى صناعة التأمين؟ وما هو الأثر الذى يمكن أن يخلفه على تلك الصناعة؟ وكيف يمكن لشركات التأمين الاستعداد لهذه التقنية الحديثة؟

تعريف الذكاء الاصطناعى

الذكاء الاصطناعي (AI) هو ذلك العلم الذي يستخدم الآلات والروبوتات المبرمجة أوتوماتيكياً والمحسنة رقميًا بشكل سريع لتحقيق أعلى مستويات الإنتاجية لتكون على مستوى من الذكاء لتحاكي القدرات الذهنية البشرية وطريقة عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج، ولقد باتت فكرة دمج الذكاء الاصطناعي (AI) فى مختلف التخصصات والعلوم أمراً ضرورياً وليس اختيارياً لأثره الإيجابي الكبير المتوقع في تطوير الخدمات وزيادة الإنتاجية ورفع الكفاءة نتيجة لتصحيح وتغيير المسارات التقليدية لمختلف العلوم.

كما أن هناك بعض التطبيقات التي إستطاعت أن تضاهى مستوى أداء الخبراء والمحترفين بالقيام بمهمات محددة، ومن هذه التطبيقات المحدودة التى إستطاع الذكاء الاصطناعى (AI) القيام بها هى التشخيص الطبى ومحركات البحث الخاصة بالحاسب الآلى وقدرته على التعرف على الصوت والخط اليدوي.

كيف يعمل الذكاء الاصطناعى؟

يتم تدعييم الذكاء الاصطناعي من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات تقوم بإجراء تحليلات ومعالجة  النصوص والفيديوهات والصور فى شتى الموضوعات بحيث يتم إستخدامها فيما بعد لمعالجة المشاكل المتعلقة بأى من هذه الموضوعات.

القطاعات التى لها الريادة فى إستخدام الذكاء الاصطناعى والتى تنوى زيادة حجم استثماراتها فى هذا المجال

تعتبر القطاعات التالية هى من القطاعات التى لها الريادة فى إستخدام الذكاء الاصطناعى والتى تنوى زيادة حجم استثماراتها فى هذا المجال:

·        الخدمات المالية.

·        الأجهزة التكنولوجية والاتصالات.

·        النقل واللوجيستيات.

·        صناعة السيارات.

·        الانشاءات.

·        الرعاية الصحية.

·        السياحة والسفر.

·        الطاقة.

·        الإعلام.

·        التعليم.

 

يقوم الذكاء الاصطناعى بتقديم المساعدة لشركات التأمين والوسطاء وحاملى وثائق التأمين من حيث زيادة الكفاءة والفعالية وسرعة وكفاءة وحجم تبادل المعلومات، لا سيما وأن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يوفر حلولاً لمعظم المشاكل التي تواجه القطاع وخصوصاً من ناحية التعويضات أو المقاصة بين الشركات، كما أنه يساعد فى تقييم الخطر بطريقة دقيقة، وكذلك منع وقوع الأضرار والانتهاء من تسوية المطالبات بشكل أسرع؛ فعلى سبيل، قامت إحدى شركات التأمين بالخارج بتسوية أحد المطالبات فى خلال عدة ثوانى.

ومن ثم فإن الذكاء الإصطناعى يساعد  القائمين على صناعة التأمين على توفير المال بل وتحقيق ايرادات اكبر حيث أنه يقوم بمنح العملاء ما يريدونه بالضبط وقتما يريدون.

1-المطالبات

يعد متوسط ​​الوقت الذى تستغرقه عملية تسوية المطالبة هو 10-15 يومًا، ولكن عند إستخدام الذكاء الإصطناعى فى المطالبات يتم تقليل هذه الدورة ​​إلى 2-3 أيام. ولا يعتبر توفير الوقت هو الفائدة الوحيدة فى ما يتعلق بمطالبات التأمين ولكنه يساعد أيضاً فى الحد من الخسائر التى تتكبدها شركات التأمين نتيجة المطالبات الاحتيالية.

ووفقاً لما ذكره رئيس قسم التحليلات بشركة (AIG) بالولايات المتحدة الأمريكية أن "صناعة التأمين تتحمل خسائر تقدر بأكثر من 40 مليار دولار في السنة ولكن تستخدم (AIG) تقنيات الذكاء الاصطناعى في عملية المطالبات الخاصة بها ...  وقد قامت الشركة بالتعامل مع أكثر من 77 مليون مطالبة وبفضل استخدام الذكاء الإصطناعى تم الكشف عن 75٪ من مطالبات التأمين الاحتيالية".

2. الاكتتاب

يمكن أن تقوم شركات التأمين بتطوير أدوات الذكاء الإصطناعى الخاصة بها لتحليل المخاطر وهو ما سيؤثر على مبلغ التأمين وتحديد نوع التغطية التأمينية . كما يقدم الذكاء الإصطناعى الفرصة لشركات التأمين لإنشاء نماذج مختلفة للتنبؤ بالمخاطر، وبالتالى تقوم الشركة بتصميم وثائق تأمين ملائمة لاحتياجات العملاء المختلفة.

التأمين البحرى

يساعد الذكاء الإصطناعى فى منع وتقليل الخسائر فى التأمين البحرى.. حيث يقوم بتحليل البيانات المتعلقة بما يلى:

§        معدل تكدس السفن فى الموانئ المختلفة.

§        الطرق المائية الأكثر استخداماً فى النقل البحرى.

§        تحليل الخسائر التى تنتج عن:

o       عمليات النقل الداخلى.

o       تقلب الأحوال المناخية.

o       عدم ملائمة الوحدة الناقلة لطبيعة البضائع المنقولة.

عند قيام شركة التأمين عن طريق الذكاء الاصطناعى بتحليل تلك البيانات تستطيع الشركة أن تتوقع الأخطار التى يمكن أن تتعرض لها السفينة أو البضائع المطلوب التأمين عليها، وبالتالى تقوم الشركة بوضع الشروط والاشتراطات التى تؤدى إلى تقليل أو منع الخسارة.

 

التأمين على الحياة

 يساعد الذكاء الاصطناعى فى توفير المزيد من البيانات عن الشخص المتقدم للحصول على التأمين من خلال أجهزة الاستشعار الموجودة فى سيارته أو  منزله كما يمكن أن يحدث هذا أيضاً من خلال استخراج البيانات الاجتماعية والتاريخ الطبى الخاص بالشخص.

وبناءً على ذلك تستطيع شركة التأمين من خلال الذكاء الاصطناعى معرفة إذا كان هذا الشخص يعيش حياة أكثر أماناً وكذلك معرفة هل هذا الشخص يدخن أو يشرب كحوليات وهل يقوم بممارسة الرياضة بانتظام وهل يعرض نفسه للخطر على سبيل المثال اكتشاف اذا كان يقوم بالقيادة بدون حزام الأمان. 

وإستناداً إلى ذلك ستصبح شركة التأمين قادرة على أن تقدم التغطية التأمينية الملائمة لهذا العميل وبسعر مناسب.

وينطبق الشىء نفسه على تسوية مطالبات التأمين على الحياة ، فتستطيع شركات التأمين استخدام طائرات بدون طيار لعمل تقييم سريع لموقع الحادث للحكم على ظروف المطالبة.

كما يمكن للأجهزة الذكية تحذير المستخدم بأنه على وشك التعرض  لموقف خطير ... مما يساعد فى منع وقوع الخسارة. كما يمكن أيضاً من خلال تحليل البيانات تحديد هوية الشخص، وبالتالي تقليل احتمال حدوث احتيال في مطالبات التأمين، وهذا يعني معالجة أسرع للمطالبات .

لقد بدأ بالفعل إستخدام التقنيات الخاصة بالذكاء الإصطناعى فى مختلف مجالات العمل وفى المنازل وفى السيارات. وهناك عدة اتجاهات جديدة لتكونولوجيا الذكاء الاصطناعى ستعيد تشكيل صناعة التأمين على مدى العقد المقبل؛ وهذه الاتجاهات هى:

1-  تداول البيانات بواسطة الأجهزة المتصلة ببعضها :

ستشهد السنوات القادمة زيادة كبيرة في عدد الأجهزة المتصلة ببعضها؛(مثل السيارات وأجهزة متابعة اللياقة البدنية والأجهزة المنزلية المساعدة والهواتف الذكية والساعات الذكية) وستنضم إليهم فئات جديدة من التى سيطبق عليها مفهوم الأجهزة الذكية مثل الملابس والنظارات والأجهزة المنزلية والأجهزة الطبية والأحذية والتى ستساهم فى توفير المزيد من البيانات التي أنشأتها هذه الأجهزة لشركات التأمين وبالتالى ستتمكن تلك الشركات من فهم عملائها بشكل أكثر دقة وعمق، مما سيؤدى إلى قيام شركات التأمين بتصميم منتجات تأمينية جديدة وبسعر أكثر دقة وكذلك تقديم الخدمة بشكل أسرع.

على سبيل المثال، عند إرتداء المؤمن له لقطعة ملابس أو نظارة أو ما إلى ذلك ويكون هذا الشئ الذى يرتديه المؤمن له مرتبطاً بقاعدة بيانات اكتوارية فعندئذ يمكن ان يتم حساب درجة الخطر التى يتعرض لها هذا الشخص المؤمن له إستناداً إلى الأنشطة اليومية التى يقوم بها والتى يتم نقلها لقاعدة البيانات بواسطة قطعة الملابس أو النظارة الذكية التى يرتديها المؤمن له؛ كما سيساهم ذلك أيضاً فى توقع احتمالات ودرجة الخطر التى من المحتمل ان يتعرض لها هذا الشخص.

2-  زيادة إنتشار أجهزة الإنسان الآلى (الروبوتات) :

شهد المجال الخاص بأجهزة الإنسان الآلى (الروبوتات) العديد من الإنجازات المثيرة في الآونة الأخيرة، وهو ما سيؤدى إلى حدوث تغيير فى طريقة تفاعل الجنس البشرى مع العالم من حوله .

فقد شهد مجال الروبوتات العديد من الإنجازات المثيرة في الآونة الأخيرة حيث ظهر ما يعرف بالتصنيع الإضافي أو بالطباعة ثلاثية الأبعاد والتى ستاسهم بشكل جذرى فى إعادة تصميم منتجات التأمين التجارى حتى تكون ملائمة للمستقبل.

فبحلول عام 2025 ستكون المباني المطبوعة ثلاثية الأبعاد أكثر شيوعاً (انظر الفيديو)، وبالتالى سيتعين على شركات التأمين إعادة تقييم الأخطار المرتبطة بالبناء والمبانى.

كما سيشهد العقد القادم أيضاً توسعاً فى استخدام الطائرات بدون طيار القابلة للبرمجة الذاتية  والسيارات ذاتية القيادة والمعدات الزراعية المستقلة والروبوتات الجراحية المعدلة. وسيؤدى هذا التواجد المتزايد للروبوتات في الحياة اليومية وعبر الصناعات إلى حدوث تغير فى مفهوم الأخطاروكذلك ستظهر إحتياجات تامينية جديدة للعملاء .

على الرغم من أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ بما قد يبدو عليه التأمين في عام 2030، إلا أنه يتعين على شركات التأمين الإستعداد لتلك التغيرات من الآن وذلك على النحو التالى:

1- محاولة التعرف على أحدث تقنيات الذكاء الإصطناعى المرتبطة بالتأمين :

يجب على متخذى القرار بالشركات وفرق العمل المسئولة عن التسويق وخدمة العملاء البدء بإستثمار الوقت والموارد لبناء فهم عميق لهذه التقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. و يجب عليهم أن يشرعوا في تفعيل مشاركة شركاتهم فى الأنظمة التكنولوجية الحديثة على نطاق واسع والنجاح فى أداء الدور المنوط بهم داخل نظام بيئي قائم على البيانات وتكنولوجيا المعلومات.

2- البدء فى وضع وتنفيذ خطة إستراتيجية متكاملة للتطوير :

يجب على شركات التأمين أن تقرر الكيفية التى ستقوم من خلالها بإستخدام التكنولوجيا لدعم استراتيجية أعمالها.  وكذلك يتعين عليها أيضاً تطوير المنظور الخاص بها حول المجالات التي ترغب في الاستثمار فيها من خلال وضع خطة إستراتيجية وكذلك تحديد المنهج الذى ستنتهجه الشركة لتحقيق أهدافها.

ويجب أن تعتمد هذه الخطة الاستراتيجية على أربعة محاور أساسية وهى:

1- تطوير الإمكانيات الخاصة بالحصول على البيانات.

2- تطوير الشركة وصقل قدرات العاملين بها.

3- تطوير نماذج الأعمال والإدوات الإنتاجية للشركة.

4- تطوير الهيكل الإدارى للشركة.

 

3. إنشاء وتنفيذ استراتيجية بيانات شاملة

إن معظم تقنيات الذكاء الاصطناعي تؤدى مهامها بشكل أفضل عندما يتوافر لديها كم كبير من البيانات من مجموعة مصادر متعددة. ومن ثم يجب على شركات التأمين تطوير استراتيجية جيدة التنظيم وقابلة للتنفيذ فيما يتعلق بالبيانات الداخلية والخارجية على حد سواء.

ستحتاج البيانات الداخلية إلى تنظيم بطرق تمكن وتدعم التطوير الذكي للرؤى والقدرات التحليلية الجديدة. وكذلك يتعين على الشركات التركيز على الآلية التى تضمن الوصول إلى البيانات التي تثرى وتكمل مجموعات البيانات الداخلية الخاصة بها.

4- إنشاء البنية التحتية التكنولوجية وصقل قدرات المتعاملين معها

ستحتاج شركات التأمين في المستقبل إلى مجموعة من العاملين من ذوى المهارات والقدرات العالية؛ حيث يجب ان يتمع هؤلاء العاملين بالمهارة التقنية والإبداع والإستعداد للتعلم ومواكبة التطور. كما يجب أن تبدأ شركات التأمين فى توجيه جزء من إستثماراتها لتطوير البنية التحتية التكنولوجية للشركة وذلك لزيادة قدرة الشركة على التنافس فى ظل البيئة التكنولوجية القادمة.

دور الاتحاد المصرى للتأمين

يسعى الاتحاد المصرى للتأمين دائماً إلى دعم وتطوير سوق التأمين المصرى وذلك بمحاولة إطلاع السوق على المستجدات العالمية والتطورات التكنولوجية والاتجاهات العالمية الحديثة فيما يتعلق بصناعة التأمين. وقد قام الاتحاد بإفراد إحدى جلسات الملتقى السنوى الأول للتامين وإعادة التأمين بشرم الشيخ (شرم راندفو2018) حيث تم مناقشة الاتجاهات العالمية الحديثة لصناعة التأمين؛ والتى تم من خلالها إلقاء الضوء على مفهوم الذكاء الاصطناعى وآلية تطبيقه فى صناعة التأمين.

هذا بالاضافة الي الدور الذي يقوم به الاتحاد المصري للتأمين في زيادة الوعي التأميني للعاملين بهذا القطاع من خلال نشراته الدورية فيما يخص مجموعة من الموضوعات المختلفة المتعلقة بالتكنولوجيا وكيفية تطبيقها وكيفية تقديم تغطيات تأمينية مختلفة تقوم بتغطية الاخطار المتعلقة بها جنباً الي جنب من توضيح واظهار التجارب العالمية لشركات التأمين في تطبيق مجموعة من المبادرات التكنولوجية المختلفة.

المراجع:

·        https://www.vertafore.com/resources/blog-posts/smart-fast-and-connected-future-insurance-distribution

·        https://indianexpress.com/article/business/sponsored-business/artificial-intelligence-and-its-impact-on-insurance-industry-5286384/

·        https://www.mckinsey.com/industries/financial-services/our-insights/insurance-2030-the-impact-of-ai-on-the-future-of-insurance

·        https://www.youtube.com/watch?v=AqWkBj0bfxQ