وإذا أخذنا في الاعتبار أن إجمالي القسط السنوي لتأمينات أجسام السفن على مستوى العالم هو 7.6 مليار دولار، وأن متوسط معدل الخسارة حوالي 85% من مجموع المطالبات، فإن شركات التأمين تدفع ما يقارب 6.5 مليار دولار تخص الماكينات وحدها (طبقاً لنسبة 40% أعلاه) 2.6 مليار دولار.
ولقد ساهمت صناعة التأمين في تكاليف البحث والتطوير المتعلقة بالمحركات، فعلى سبيل المثال استخدام الوقود منخفض نسبة الكبريت (low Sulphur Fuels (LSF)) والذي تزايدت المطالبات المتعلقة به والفارق بينه وبين الوقود الثقيل (HFO).
هذا ولا تزال العوامل البشرية هي السبب الرئيسي للخسارة، فمهما بلغت براعة تصميم الماكينة ومهما كانت الخامات على مستوى عالي من الجودة وحتى إذا تم وضع التعليمات واللوائح المنظمة للتشغيل، وفى المقابل لم تعتمد أو تطبق شركات الملاحة ثقافة السلامة في اختيار الطاقم لضمان عدم خرق القواعد والأصول المهنية فلن نحقق النتائج المرجوة. وهذا أمر صعب مع الضغوط التي تمارس على طاقم السفينة في مثل هذه الأيام، فعلى سبيل المثال العدد الفعلي للطاقم الفني والهندسي على سفن الحاويات الكبيرة ما بين ثلاثة وأربعة افراد وبالطبع فإنه مهما بلغت درجة معرفتهم وخبرتهم فإنهم لن يتمكنوا من إصلاح محرك وهم في عرض البحر ويكون الاعتماد عادة على المهندسين والفنيين الخارجيين لإصلاح وصيانة السفن.
لا يجب أن يجعلنا الوضع الحالي نشير بأصابع الاتهام إلى أفراد الطاقم عندما تسوء الأمور، ففي أكثر الأحيان ليس من خطأهم أنهم لم يتوفر لهم التدريب بشكل صحيح أو أن عددهم غير كافي لمواجهة التعب والإجهاد، والحقيقة أن ذلك يكون حالة تستر وتغطية على انهيار خطير في مسئولية الإدارة.
إن فشل أحد افراد الطاقم في تبديل أو تغيير منظومة وقود السفينة من الوقود الثقيل (HFO) إلى الوقود الخفيف (LSF) وهي ليست بالعملية البسيطة أو السهلة، ليس معناها خطأ الطاقم. إن الإنهاك والتعب أو سوء التدريب أو نقص الخبرة في الامتثال للوائح التشغيل مثل اختبار عينة من الوقود للتأكد من خلوها من الرواسب الناعمة Cat Fine. إن هذه هي مسئوليات الإدارة بشركات الملاحة، فلماذا تتحمل شركات التأمين التكلفة؟
إن عدم الاهتمام بتدريب طاقم التشغيل مثل تفهم نظم الإنذار وإيقافها وتشغيلها لسوف يحدث ما يمكن وصفه بالكارثة وفي نهاية المطاف تدفع شركات التأمين الفاتورة.
بالطبع هناك ضغوط تجارية واقتصادية على ملاك السفن إذ أنهم يلقون اللوم على قلة وتدني أسعار النولون لنقل البضائع وأنهم يقابلون سوق شحن سيئة، لذلك سوف يتم وضع ضغوط على الصيانة وقطع الغيار والمشتريات وميزانيات التدريب.
القضية الرئيسية هذه الأيام هي قطع الغيار. في الماضي، كان يمكن إصلاح المحركات بسهولة نسبية من خلال القطع الأصلية (OEM) أو أجزاء مصنعة تابعة لجهة خارجية. الآن المحركات متطورة لدرجة أن الحصول على قطع الغيار المناسبة مع الخلوصات المسموحة ميكانيكياً أمر أساسي ومكلف أيضًا.
وبالطبع فإنه لا يجب ان نعفي أنفسنا من المسائلة ولو جزئياً، وهذا لأنه عندما يكون هناك مطالبة فإن التركيز يكون على السبب المباشر والذي يكون كافياً من وجهة نظر مقدم المطالبة، وينبغي أن تكلف شركات التأمين خبراء تقدير الأضرار للتحقق بدقة من السبب الحقيقي للمطالبة، وتقديم التوصيات حول كيفية تغيير النظم الحالية المتبعة إلى نظم تشغيل وحماية آمنة بما يجعل الحادث لا يتكرر، بالإضافة على سواء الخبراء أو شركات التأمين القدرة على تحديد الاتجاهات واتخاذ الإجراءات المناسبة.
هذه المسئولية تقع على عاتق شركات التأمين لطلب هذه المعلومات من خبراء تقدير الأضرار، لقد اهملت شركات التأمين لفترة طويلة ما يتعلق بمنع الخسائر، فبالرغم من أن صناعة الطيران واستخراج البترول من البحر قد تقدمت قدماً على هذا الأساس فإنه للأسف تأخر ركب الشركات الملاحية وصناعات التأمين البحري.
يجب أن تعمل شركات التأمين على تجميع البيانات وتحليلها واستخدامها في عمليات التسعير خاصة وأن عدد المصانع التي تعمل في المحركات البحرية 11 مصنعاً، تتركز أغلب الطلبات في ثلاثة منها. لذا فمع إنفاق المزيد من المال والجهد يتم القيام بتحليل والعمل على أجزاء المحرك التي سيسوء حالها خلال فترة زمنية محددة وتصبح عندها عاملاً من عوامل التسعير.
إن مجرد مؤمن واحد بهذه الفكرة وحصوله على حقه سوف يدفع شركات أخرى كثيرة لتحذو حذوه، ولن يكون لدى الشركات المصنعة مكاناً للاختباء.
|