طبقاً للإحصائيات العالمية فإن التعويضات عن أضرار الماكينات تمثل 40% من إجمالي التعويضات المدفوعة من شركات التأمين، وهي بالتالي تشكل أكبر حصة في إجمالي التعويضات.

وتغطي شركات التأمين تكاليف استبدال الماكينات التي تنكسر أو تتلف نتيجة إهمال طاقم السفينة بشرط الا يكون ناتجاً عن عدم العناية الواجبة من المؤمن لهم أو الملاك أو المديرين.

وبالنظر إلى حجم التغطية نجدها واسعة جداً وتعتبر بمثابة الضمان التأميني على الماكينات. ولكن للأسف فإنها عرضه لإساءة الاستعمال في الوقت الذي تفترض فيه شركات التأمين في الملاك النزاهة والوضوح عند تقديم مطالبة بالتعويض عن ضرر للماكينات/الآلات.

تشير الاحصائيات الصادرة عن الاتحاد الدولي للتأمين البحري وكذا هيئة اللويدز بلندن إلى أن هناك أربعة أسباب رئيسية للحوادث البحرية وهي دائماً (الماكينات/الآلات، الشحوط، الحريق، التصادم).

بالنظر للجدول الموضح أدناه ، إذا قمنا بتجزئة الخسائر من حيث التكلفة ، نجد أن حسابات تلفيات المحرك الرئيسي تزيد عن 60% من قيمة المطالبات، تليها المحركات المساعدة 20%، والمولدات 10%.

وإذا أخذنا في الاعتبار أن إجمالي القسط السنوي لتأمينات أجسام السفن على مستوى العالم هو 7.6 مليار دولار، وأن متوسط معدل الخسارة حوالي 85% من مجموع المطالبات، فإن شركات التأمين تدفع ما يقارب 6.5 مليار دولار تخص الماكينات وحدها (طبقاً لنسبة 40% أعلاه) 2.6 مليار دولار.

ولقد ساهمت صناعة التأمين في تكاليف البحث والتطوير المتعلقة بالمحركات، فعلى سبيل المثال استخدام الوقود منخفض نسبة الكبريت (low Sulphur Fuels (LSF)) والذي تزايدت المطالبات المتعلقة به والفارق بينه وبين الوقود الثقيل (HFO).

هذا ولا تزال العوامل البشرية هي السبب الرئيسي للخسارة، فمهما بلغت براعة تصميم الماكينة ومهما كانت الخامات على مستوى عالي من الجودة وحتى إذا تم وضع التعليمات واللوائح المنظمة للتشغيل، وفى المقابل لم تعتمد أو تطبق شركات الملاحة ثقافة السلامة في اختيار الطاقم لضمان عدم خرق القواعد والأصول المهنية فلن نحقق النتائج المرجوة. وهذا أمر صعب مع الضغوط التي تمارس على طاقم السفينة في مثل هذه الأيام، فعلى سبيل المثال العدد الفعلي للطاقم الفني والهندسي على سفن الحاويات الكبيرة ما بين ثلاثة وأربعة افراد وبالطبع فإنه مهما بلغت درجة معرفتهم وخبرتهم فإنهم لن يتمكنوا من إصلاح محرك وهم في عرض البحر ويكون الاعتماد عادة على المهندسين والفنيين الخارجيين لإصلاح وصيانة السفن.

لا يجب أن يجعلنا الوضع الحالي نشير بأصابع الاتهام إلى أفراد الطاقم عندما تسوء الأمور، ففي أكثر الأحيان ليس من خطأهم أنهم لم يتوفر لهم التدريب بشكل صحيح أو أن عددهم غير كافي لمواجهة التعب والإجهاد، والحقيقة أن ذلك يكون حالة تستر وتغطية على انهيار خطير في مسئولية الإدارة.

إن فشل أحد افراد الطاقم في تبديل أو تغيير منظومة وقود السفينة من الوقود الثقيل (HFO) إلى الوقود الخفيف (LSF) وهي ليست بالعملية البسيطة أو السهلة، ليس معناها خطأ الطاقم. إن الإنهاك والتعب أو سوء التدريب أو نقص الخبرة في الامتثال للوائح التشغيل مثل اختبار عينة من الوقود للتأكد من خلوها من الرواسب الناعمة Cat Fine. إن هذه هي مسئوليات الإدارة بشركات الملاحة، فلماذا تتحمل شركات التأمين التكلفة؟

إن عدم الاهتمام بتدريب طاقم التشغيل مثل تفهم نظم الإنذار وإيقافها وتشغيلها لسوف يحدث ما يمكن وصفه بالكارثة وفي نهاية المطاف تدفع شركات التأمين الفاتورة.

بالطبع هناك ضغوط تجارية واقتصادية على ملاك السفن إذ أنهم يلقون اللوم على قلة وتدني أسعار النولون لنقل البضائع وأنهم يقابلون سوق شحن سيئة، لذلك سوف يتم وضع ضغوط على الصيانة وقطع الغيار والمشتريات وميزانيات التدريب.

القضية الرئيسية هذه الأيام هي قطع الغيار. في الماضي، كان يمكن إصلاح المحركات بسهولة نسبية من خلال القطع الأصلية (OEM) أو أجزاء مصنعة تابعة لجهة خارجية. الآن المحركات متطورة لدرجة أن الحصول على قطع الغيار المناسبة مع الخلوصات المسموحة ميكانيكياً أمر أساسي ومكلف أيضًا.

وبالطبع فإنه لا يجب ان نعفي أنفسنا من المسائلة ولو جزئياً، وهذا لأنه عندما يكون هناك مطالبة فإن التركيز يكون على السبب المباشر والذي يكون كافياً من وجهة نظر مقدم المطالبة، وينبغي أن تكلف شركات التأمين خبراء تقدير الأضرار للتحقق بدقة من السبب الحقيقي للمطالبة، وتقديم التوصيات حول كيفية تغيير النظم الحالية المتبعة إلى نظم تشغيل وحماية آمنة بما يجعل الحادث لا يتكرر، بالإضافة على سواء الخبراء أو شركات التأمين القدرة على تحديد الاتجاهات واتخاذ الإجراءات المناسبة.

هذه المسئولية تقع على عاتق شركات التأمين لطلب هذه المعلومات من خبراء تقدير الأضرار، لقد اهملت شركات التأمين لفترة طويلة ما يتعلق بمنع الخسائر، فبالرغم من أن صناعة الطيران واستخراج البترول من البحر قد تقدمت قدماً على هذا الأساس فإنه للأسف تأخر ركب الشركات الملاحية وصناعات التأمين البحري.

يجب أن تعمل شركات التأمين على تجميع البيانات وتحليلها واستخدامها في عمليات التسعير خاصة وأن عدد المصانع التي تعمل في المحركات البحرية 11 مصنعاً، تتركز أغلب الطلبات في ثلاثة منها. لذا فمع إنفاق المزيد من المال والجهد يتم القيام بتحليل والعمل على أجزاء المحرك التي سيسوء حالها خلال فترة زمنية محددة وتصبح عندها عاملاً من عوامل التسعير.

إن مجرد مؤمن واحد بهذه الفكرة وحصوله على حقه سوف يدفع شركات أخرى كثيرة لتحذو حذوه، ولن يكون لدى الشركات المصنعة مكاناً للاختباء.

شهادة ضمان بنائي السفن

الكثير من الحوادث تحدث عندما تكون السفينة جديدة. وهذا أمر طبيعي حتى يتم تسليمها. ومع ذلك يبدو أن شركات التأمين هم الذين يتعرضون بالخطأ ويدفعون مقابل للحالات والحوادث التي حدثت. أين شهادات ضمان بنائي السفن؟ وما هي فترة الضمان؟ وما هي دقائق الأمور في شهادة الضمان والتي تكتب بخط صغير جداً؟

وعلى شركات التأمين التحقق وتوجيه هذه الأسئلة لمن يصدرون شهادات الضمان (والتي تختلف من بلد على بلد لبناء سفينة مشابهة وبنفس المواصفات، وكذا من ترسانة على ترسانة في نفس البلد). أغلب الظن أن هناك حالات كثيرة ومرعبة من التغطيات تم تسويتها من قبل شركات التأمين والتي فيها الكثير من المبالغ التي يمكن استردادها بأن يتم مراجعة ومقاضاة بنائي السفن والترسانات التي تصدر شهادات الضمان.

شهادة ضمان المحرك

تتماثل تماماً مع النقطة السابقة، فعلى الشركات التأمين الكفاح والنضال من أجل استرجاع أي مبلغ من المصنعين، ولكن في أغلب الأحوال وبكل سهولة يلقون باللوم على طاقم التشغيل لإبعاد المسئولية عن المصنعين.

عمولة ورش الإصلاح (الترسانات) من قطع الغيار

وليس خافياً على أحد أن ورش الإصلاح تحصل عمولات من المصنعين مقابل توزيع قطع الغيار والتي غالباً ما تكون جزءاً كبيراً من المطالبة المقدمة إلى شركة التأمين، وبالطبع تزيد هذه العمولات من قيمة المطالبة، وهذا ما يدفع في حالات كثيرة شركة التأمين إلى الاتصال مباشرة بالمصنعين والحصول على قطع الغيار وتوريدها لورشة الإصلاح لتوفير قدر من المال.

عادة ما يكونوا المصنعين متعاونين ومفيدين للغاية، حيث يتم تبادل للمعلومات بينهم وبين هيئات الإشراف أو التصنيف وملاك السفن وبنائي السفن والترسانات البحرية في صورة منشورات عند ظهور أي عيوب أو أخطاء في ماكيناتهم. ولكن يتم حجب هذه المعلومات عن شركات التأمين لأنهم من يدفع الفاتورة.

وتحذر هيئات التصنيف من إفشاء هذه المعلومات حتى لا يتوقف المصنعين عن إمدادهم بها. ومن المؤكد أن هناك مشكلة هنا تتعلق بالسلامة وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يعرفون، كلما كانت سلامة السفينة أفضل والأهم من ذلك الطاقم؟

مسئولية مصنعي المحركات

في النقل البحري، كما هو الحال مع أي صناعة، هناك طرف ثالث يقوم بالتدقيق أو تقدير جودة العملية أو الوحدة. وعندنا توجد هيئات تصنيف لهيكل السفينة، وعلم للامتثال لمتطلبات الطاقم والتشريعات، وبرنامج تقرير التفتيش SIRE للناقلات، وشركة تدقيق السفن RightShip لجميع أنواع السفن، ولكن مع التركيز بشكل خاص على سفن الصب وحتى المعهد الدولي للمعاينات البحرية IIMS وهي منظمة مستقلة تهدف إلى تعزيز الكفاءة المهنية والاعتراف بها وتدريب المعاينين البحريين في جميع أنحاء العالم كما أن لها دور إيجابي لتحسين جودة المعاينات البحرية.

أما في ميدان المحركات البحرية، لا يتوفر هذا الأمر للأسف. حيث لا يكون هناك طرف ثالث يٌلجأ إليه من أجل الحصول على بعض الراحة فيما يتعلق بالجودة، أو لماذا تعطل جزء معين من المحرك. لذا على سبيل المثال إذا كان جزء ما يعمل بشكل صحيح، فإن الشركة المصنعة للمحرك تقول إنه بحاجة إلى الاستبدال. ولن تكون قادراً على الاستئناف والتعامل مع جهة خارجية أخرى حول سبب التعطل، ويتحمل الصانع بعض المسئولية ومن ثم يساهم في تكلفة استبداله. يبدو أن المصنعين هم سادة مصيرهم، في حين يتعين على معظمنا أن يبرأ نفسه لطرف ثالث عندما يسير على صواب أو خطأ!

سجلات السفينة

نشر الاتحاد الدولي للتأمين البحريIUMI ورقة عمل تم نشرها في سبتمبر من العام الماضي والتي نؤيدها بشدة ، تنص الفقرة الأولى منها على:

·        هناك ميل متزايد لدى المديرين الفنيين الخارجيين لإخفاء جميع السجلات من السفينة عندما يتم تغيير الملكية، تاركين الطاقم القادم والإدارة مع معلومات قليلة جدا عن حالة السفينة والآلات.

خلال الأسابيع القليلة الأولى من انتقال الملكية وفي ظل غياب سجلات السفينة وفقدان تقارير الصيانة أيضًا عدم وجود توثيق لإجراء التصليح وما إذا كان قد تم استخدام الشركات المصنعة أو قطع الغيار غير القياسية، هناك خطر متزايد من انهيار الآلات التي قد تعيق الملاحة، وتؤدي إلى الحريق والانفجار، وتؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابات الشخصية.

ويؤكد الاتحاد الدولي IUMI على أن التحسن الكبير في بيان تحليل المخاطر Risk Profile سيتحقق من خلال طلب أن تكون سجلات الصيانة والتقارير التشغيلية وجرد مخزون قطع الغيار جزءاً من سجل الخدمة الدائم للسفينة والتي يغطيها الإجراءات التنظيمية، ربما من خلال بنود إضافية في اتفاقية بيع وشراء. ومع ذلك، لا يمكن توقع حل مبكر من خلال الاتحاد الدولي لهيئات التصنيف IACS أو التنفيذ في كود السلامة والأمان ISM.

 

في الختام، الآلات هي واحدة من أكبر أعباء التكلفة على النقل البحري والتأمين. في حين أن كل صناعة تقدر أن تحقق عائداً مناسباً لمساهميها، يبدو أن الشركات المصنعة للآلات لديها ميزة غير عادلة، وأعتقد أن الوقت قد حان لتحقيق المزيد من المساواة بين جميع الأطراف في المغامرة البحرية.

رابط المقال https://www.iims.org.uk/machinery-underwriters-problem/

رأي الاتحاد

يظل دور خبير المعاينات وتقدير الأضرار هو الأهم بالنسبة لشركات التأمين حيث أنه يعتبر ممثل الشركة وعينها عند اتخاذ قرار الاكتتاب في أي وحدة بحرية، والاهتمام برفع مستوى خبراتهم وثقافاتهم التأمينية تستلزم تصفية القائمة الحالية للخبراء المسجلين لدى الهيئة العامة للرقابة المالية عن طريق اقتراح شخصيات تأمينية للمشاركة في لجان اختيار وقيد الخبراء سواء لأول مرة أو عند التجديد.

تـنويـــــه عــــــام

رأى الاتحاد الوارد في هذه النشرة هو مجرد رأى فني غير ملزم لأى جهة أو أي شخص، والغرض منه هو ترسيخ مفاهيم العمل التأمينى الصحيح ونشر الوعى والثقافة التأمينية، ولا يجوز نشره أو توزيعه دون موافقة كتابية من الاتحاد المصري للتأمين، ولا تعد أياً من البيانات والتحليلات أو المعلومات الواردة بهذه النشرة توصية ملزمة، وقد استند الاتحاد في هذا الرأي إلى معلومات وبيانات تم الحصول عليها من مصادر نعتقد بصحتها وامانتها، وفى اعتقادنا أن هذه المعلومات والبيانات تعتبر صحيحة وعادلة وقت اعدادها، ونؤكد على أن هذه البيانات والمعلومات لا يعتد بها كأساس لأي قرار يمكن اتخاذه، والاتحاد غير مسئول عن أي تبعات قانونية أو استثمارية تنتج عن استخدام المعلومات الواردة في هذه النشرة .

الاتحاد المصري للتأمين

جميع الحقوق محفوظه