ما هي الثورة الصناعية الرابعة ؟

تستند الثورة الصناعية الرابعة إلى الثورة الرقمية ، التي تمثل اتجاهاً جديد تصبح فيه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من المجتمعات وحتى جسم الإنسان. تتميز الثورة الصناعية الرابعة باختراق التكنولوجيا الناشئة في عدد من المجالات ، بما في ذلك الروبوتات Robotics، والذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (AI)، وتكنولوجيا النانو Nanotechnology، البلوك تشين Blockchain  والحوسبة الكمومية[1] Quantum Computing ، والتكنولوجيا الحيوية Biotechnology، وإنترنت الأشياء IoT Internet of Things، والطباعة ثلاثية الأبعاد 3D printing، والمركبات المستقلة Autonomous Vehicles.

ومما لا شك فيه ان العالم اليوم على أعتاب الثورة الرابعة فى تاريخ  البشرية وقد اختار منتدى دافوس العالمي عنوان "الثورة الصناعية الرابعة" شعارا لدورته الـ46، وجاء هذا الاختيار، وفق اراء الخبراء أن "الثورة الصناعية الثالثة"، وهي ثورة الحوسبة الرقمية، التي انطلقت في خمسينات القرن الماضي، وصلت إلى ذروتها وتطبيقاتها في الذكاء الصناعي والتكنولوجيا .



هذا وقد تم الاعلان عن تحالف جديد تم تشكيله لمواجهة مخاطر الثورة الصناعية الرابعه.

" نحن نقف على شفا ثورة تكنولوجية كبيرة ستغير بشكل أساسي الطريقة التي نعيش بها ونعمل بها ونربط الاشياء ببعضها البعض. ما نواجهه يختلف في الحجم والنطاق ومستوي التعقيد ، سنشهد تحول على خلاف ما شهدته البشرية من قبل.

نحن لا نعرف حتى الآن كيف ستتكشف الامور في المستقبل ، ولكن هناك أمر واحد واضح وهو انه يجب أن تكون الاستجابة لهذة الثورة الرابعه متكاملة وشاملة ، تشمل جميع أصحاب المصلحة في النظام العالمي ، من القطاعين العام والخاص بما في ذلك الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني."

كلاوس شواب - المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي


ويرتبط مفهوم "الثورة الصناعية الرابعة"، التى بادرت ألمانيا بإطلاقها، بالاعتماد على التكنولوجيا، والتقليل من التدخل البشرى، بحيث يقتصر الدور البشري في الصناعة على المراقبة والتدقيق، ويشترط لتحقيق ذلك وجود قدرات علمية يتم توظيفها في امتلاك بنية "تقنية" و"رقمية" متطورة، إلا أنه مقابل الإيجابيات الكبيرة التي يمكن أن تحققها هذه "الثورة"، لصالح البشرية، فان هناك سلبيات ستترتب عليها وستعاني منها المجتمعات، بما فيها مجتمعات الدول المتقدمة وخصوصا بعض المشاكل المتعلقة بخسائر في الوظائف وزيادة مخاطر التعرض لهجمات إلكترونية  وغيره.

إدارة الثورة الصناعية الرابعة

وقد صدر تقرير عن المنتدى الاقتصادي العالمي ( دافوس ) ، تم الاعلان فيه عن  تحالف دولي جديد تم تشكيله لمواجهة المخاطر الناجمة عن الثورة الصناعية الرابعة .

ويفيد التقرير  أن التحالف الجديد يضم أكبر شركات ووسطاء التأمين في العالم، مثل: «أليانز، ولويدز، ومارش وماكلينان، وسومبو القابضة، وسويس ري، وويليس تاورز واتسون، وزل كاتلين، ومجموعة زيورخ للتأمين»، إلى جانب شركات التكنولوجيا، مثل: «سيسكو، وهيتاشي، وآي بي إم وسيمنز»، وكبار المسؤولين من المفوضية الأوروبية ومجموعة من الحكومات كالهند واليابان وهولندا وسنغافورة وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وأشار التقرير إلى أن التحالف يستهدف تفادي المستويات الكارثية للمخاطر غير المؤمن عليها في الاقتصاد وما يصاحبها من ابتكارات، بالتعاون بين شركات التأمين والتكنولوجيا والحكومات التي يقودها المنتدى الاقتصادي العالمي، التي تحمل عنوان «التخفيف من المخاطر في الاقتصاد القائم على الابتكار».

ويستهدف التحالف الجديد سد الفجوة في أطر الحوكمة القائمة لإدارة المخاطر من الابتكارات، وتحديد المطلوب والأدوار والمسؤوليات المرتبطة بهذه المخاطر، وإنشاء آلية لتبادل البيانات لإدارة المخاطر.

و لا أحد يعرف حاليا حجم تعرض المجتمع لمخاطر التكنولوجيات الجديدة غير المؤمن عليها.

وفيما يخص المخاطر المرتبطة بالذكاء الصناعي فإن الخطر المحتمل مرتبط بالسماح للسلطات وأصحاب القرار بالانتقال من الاعتماد على البشر إلى الذكاء الصناعي وكيف يمكن الاستعداد لإمكانية تطوير أجهزة ذات ذكاء يفوق الذكاء البشري.

التحول التكنولوجي ومستقبل التأمين

ومما لا شك فيه فان الثورة الصناعية الرابعة،والتي بدأت بالذكاء الاصطناعي وثورة الانترنت والروبوتات والبيانات الكبيرة بالاضافة الي البلوك تشين وغيره ، ستشمل جميع النظم الاقتصادية العالمية، بما في ذلك التأمين ، والتى عن طريقها يمكن  مراجعة  كميات هائلة من البيانات  فى اقل  وقت ممكن.

وسينعكس ذلك  التقدم في مجال الاتصالات المتنقلة من حيث تبسيط المعاملات بين المؤمن والمؤمن عليه وتغيير دورة حياة التأمين وتأثيرها على البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة، ويمكن  لشركات التأمين تسخير هذه التقنيات لزيادة  حجم اعمالها وانتشارها . 

وقد تؤدي رقمنة الاكتتاب في التأمين إلى خفض مصروفات الاكتتاب مما يدعم أداء شركات التأمين (إعادة التأمين) وعلاوة على ذلك ، يمكن تحسين حجم  المطالبات عن طريق خفض التكاليف.

هذه الوفورات التحليلية والإدارية يمكن أن تسمح لشركات التأمين بتقاضي أقساط أقل من توقعات عملائها،و يمكن أن تمتد التغطية التأمينية  في نهاية الأمر الى تغطية اعداد اكبر من الاعداد الحالية وتزيد من قدرة شركات التأمين  على مواجهة مطالبات حاملي وثائق التأمين.

كما يمكن أن تؤدي الرقمنة المستمرة للاكتتاب بالتأمين إلى زيادة انتشار التأمين في الأسواق الناشئة ، وفي الوقت الحالي ، تظل الغالبية العظمى من الخسائر الاقتصادية في الأسواق الناشئة غير مغطاه  ، كما أن تأثير الكوارث الطبيعية وتغير المناخ والأوبئة يتفاقم في البلدان التي تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الكافية.

ومن الملاحظ ان  فوائد الاكتتاب عن طريق  الكمبيوتر ونمذجة المخاطر وتحليلات البيانات  يمكن أن تقنع المكتتبين بتوسيع التغطية التأمينية لتشمل شرائح وأنواع لم تكن مؤمنة من قبل  نتيجة  حجمها الصغير في السوق ، مما يحميها من الخسائر التي لم يكن يغطيها  التأمين التقليدي.


الابتكار في تقييم المطالبات

و تستخدم التكنولوجيا في عمليات المطالبات  بالنسبة لكل من تقييم الخسارة وعملية معالجة المطالبات.

و تهدف شركات التأمين من تقييم أو تعديل المطالبات ، إلى تحسين دقة وشمولية البيانات التي تجمعها  بالاضافة الى خفض التكاليف.

بالنسبة لتغطية التأمينات الشخصية الصغيرة فأن مفتاح تقييم سرعة المطالبات هو انشاء عملية مبرمجة  بالكامل  .

ويعتقد قادة الأعمال أنه ينبغي استخدام التكنولوجيا بشكل متزايد لتعزيز إنتاجية الموظفين الحاليين بدلاً من مجرد استبدال الموظفين.

 و في يونيو 2017 ، قدرت جمعية التأمين العامة بسنغافورة أن واحدة من كل خمس مطالبات كانت إما كاذبة أو مبالغ فيها ، مما يكلف الصناعة أكثر من 100 مليون دولار أمريكي كل عام.

على الرغم من أن تقييم المطالبات وتصفية المدفوعات ( عن طريق برنامج كومبيوتر ) بشكل كامل عادة ما يحتلان العناوين الرئيسية ، إلا أن التكنولوجيا مثل استخدام الروبوتات ، تعمل في كثير من الأحيان كوسيلة  فرز تقوم بحل دعاوى أبسط وتمرير مطالبات أكثر تعقيدًا مقارنة بما يقوم به شخص طبيعى من تقييم ، و يتيح ذلك للموظفين الداخليين التركيز على الحالات المعقدة التي تتطلب مهارات تحليلية تحتاج للتركيز بعيداً عن العمليات التي يمكن ان تقوم بها الوسائل والبرامج التكنولوجية نيابة عنهم مما يسهم في توفير الوقت والجهد.

يشير الإجماع السائد في الصناعة إلى أن خدمة المطالبات الناجحة ما زالت تنطوي على تفاعل بشري في الغالبية العظمى من الحالات ؛ اما  التكنولوجيا فهي أداة للشركات ، بدلا من أن تكون بديلا عن الموظفين المهرة.

 


تم استخدام الطائرات بدون طيار كأداة عملية فى  تقييم الخسائر ففى خلال إعصار جوني 2015 في اليابان، استخدمت شركة  AIG الطائرات بدون طيار لجمع بيانات مصورة  لمعرفة حجم الاضرار . وبالمثل، استخدمت مجموعة QBE للتأمين طائرات بدون طيار لتقييم الأضرار التي أعقبت زلزال عام 2016 في الإكوادور ، مما  مكن الشركة من تسوية 90٪ من المطالبات خلال 90 يومًا من الأحداث الكارثية.

كما تم استخدام الطائرات بدون طيار لتقييم حريق واسع النطاق قام بتدمير ممتلكات متعددة في منتجع شهير لقضاء الإجازات خارج سان تروبيه في جنوب فرنسا ، حيث تم اثبات أن عميل شركة التأمين لم يكن السبب في الحريق الذى اصاب جيرانه ، مما ادى الى حماية  شركة التأمين من دفع مطالبات كبيرة محتملة نتيجة المسئولية المدنية تجاه الغير.

هذا و تستخدم الطائرات بدون طيار أيضا لتصويرالمناطق المتضررة لتقييم التعويضات  ، والذي يمكنهم  من عرض وتقييم الضرر على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم مما  يمكن المسئولين عن التعويضات من تقديم التقارير في الوقت المناسب و بدء عملية دفع التعويضات  للمستحقين .

كما تستخدم الطائرات بدون طيار في القطاعات العامة في البلدان النامية على سبيل المثال  اختبرت وزارة الزراعة في الهند استخدام صور الأقمار الصناعية عن الأضرار التي لحقت بالمحاصيل و مدى تأثير  الطقس على غلة المحاصيل خلال موسم زراعة محصول ربيع 2015-2016.

ومكنت هذه التكنولوجيا  وزارة الزراعة من تقييم الأضرار الناجمة عن البرد وتدمير المحاصيل الأخرى وارسال بيانات عن التعويضات  دقيقة وفي الوقت المناسب  للمتضررين، مما كان له اكبر الاثر فى التخفيف  من آثار خسائر الإنتاج على المزارعين ذوي الدخل المنخفض.

وقد استُخدم هذا مرة أخرى في عام 2017 ومازال يقدم  كجزء من برنامج التأمين على المحاصيل الذي تديره الدولة.

ثورة المدفوعات الرقمية وإيصال الإغاثة

كما يمكن للتكنولوجيا تحسين العلاقة بين المؤمن والمؤمن عليه من خلال  اختصار مدة تسوية المطالبات  أو تقديم خدمة  بصورة افضل.

تعمل المعلومات الجغرافية والبيانات الضخمة على تحسين قواعد البيانات التاريخية وتعزيز جهود الإغاثة في حالات الكوارث.

ففي أعقاب الزلازل المدمرة في عام 2015 في نيبال ، تم استخدام البيانات  التى تم الحصول عليها من مصادر جماعية لرسم خريطة لمعالم الاماكن وشبكات الطرق مما ادى الى تحديد حجم الاضرار  ووصول مبالغ  المعونة  إلى الفئات الأكثر تضرراً  باسرع وقت .

يمكن أن يؤدي الاستثمار الإضافي في البيانات الضخمة إلى المزيد من إصلاح الطريقة التي يتم بها تقييم المخاطر ومع دمج هذه الممارسات في دورة حياة التأمين ، ستتمكن شركات التأمين من تقديم الخدمات ودفع التعويضات  إلى المستحقين  فى أسرع وقت ممكن .


المصادر:

Axco Insurance Information Services 2017

تقرير المخاطر العالمية منتدى دافوس 2017 2017

http://alrai.com/article/10415517/كتاب/الثورة-الصناعية-الرابعة

رأى الاتحاد المصري للتأمين

في ظـل التقدم الهائل في الآونة الأخيرة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وتعاظم دور التجارة الإلكترونية في مجال تسويق السلع والخدمات عبر شبكة الإنترنت، كأحد أبرز التطبيقات التي تمخضت عن هذا التطور، والذي يتوقع معه حدوث تغييرا جذريا في الهياكل الأساسية للقطاعات الاقتصادية المختلفة بما في ذلك قطاع التأمين الذي لن يكون بمنأى أو معزل عن تلك التطورات.

وفي ضوء تحقيق أهداف الاتحاد المصري للتأمين من العمل على رفع مستوي الصناعه والمهن المرتبطة بها فإن الاتحاد بالتعاون مع شركات التأمين سيقوم بعقد الندوات الفنية الخاصة بمواجهة المخاطر الناجمة عن الثورة الصناعية الرابعة وايضا مخاطر عدم استجابة شركات التأمين لمثل هذه التطورات بالسرعة الكافية، الي جانب إعداد الخطط المناسبة لمواجهتها، مما من شأنه أن يجعلها في موقف يصعب معه تحقيق اي مزايا  ولذلك يجب إعداد الإستراتيجيات المناسبة التي تكفل لشركات التأمين تحقيق أكبر استفادة ممكنة من  التطبيقات  الإلكترونية والتكنولوجية لتدعيم قدرتها التنافسية

تـنويـــــه عــــــام

رأى الاتحاد الوارد في هذه النشرة هو مجرد رأى فني غير ملزم لأى جهة أو أي شخص، والغرض منه هو ترسيخ مفاهيم العمل التأمينى الصحيح ونشر الوعى والثقافة التأمينية، ولا يجوز نشره أو توزيعه دون موافقة كتابية من الاتحاد المصري للتأمين، ولا تعد أياً من البيانات والتحليلات أو المعلومات الواردة بهذه النشرة توصية ملزمة، وقد استند الاتحاد في هذا الرأي إلى معلومات وبيانات تم الحصول عليها من مصادر نعتقد بصحتها وامانتها، وفى اعتقادنا أن هذه المعلومات والبيانات تعتبر صحيحة وعادلة وقت اعدادها، ونؤكد على أن هذه البيانات والمعلومات لا يعتد بها كأساس لأي قرار يمكن اتخاذه، والاتحاد غير مسئول عن أي تبعات قانونية أو استثمارية تنتج عن استخدام المعلومات الواردة في هذه النشرة .

الاتحاد المصري للتأمين

جميع الحقوق محفوظه